للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، الذي بعثه الله بما بهر به الألباب، وهدى به الأمّة إلى شريفي السّنّة والكتاب. صلى الله عليه ما ادلهمّ ظلام وانجاب. وعلى آله وصحبه السادة الأنجاب. وسلّم تسليما كثيرا.

وبعد. فإنّ توخّي المناسبة فيما يعزم عليه اللبيب أولى وأتمّ، وملاءمة ما فيه مشاكلة عند ذوي حسن النظر من الأمر الأهمّ. ثمّ ولا شبهة ولا ريبة أنّ الجنسيّة علّة الضمّ. ومن رأي أرباب العقول التخيّر للنطف، وصرف الهمّة إلى الأليق وما كلّ من صرف صرف. ومن سداد ذوي النقد أن لا تجعل واسطة عقدها إلاّ الدرّة المتنافس في اقتنائها، والثمرة الزكيّة الأصل واجتنائها، وأن لا تودع الدّرّة إلاّ عند حافظها الأمين، ولا / ١٠ ب / يناول كتاب مجد مجدها إلاّ لمن تناوله باليمين. ولا يؤهّل لها إلاّ من ومن، ولا يعوّل في تلبّسها إلاّ على من هو عند حسن الظنّ. وكان من اللطف من اختاره الله لبلاده وعباده، وملّكه أقصى طارق الملك وتلاده، وحكّمه في رقاب الأمم، وبسط لسان حكمه في العرب والعجم، وفتح به ما استغلق من الحصون، وأباح بعزائمه من أرواح أعداء الله كلّ مصون. وسيّر ذكر عظم سلطانه في الأرض مثلا، وأوضح برعب سطواته سبلا فسبلا. وأخمد به ثائرة الطغيان، وأطفأ نائرة ذوي البغي والعدوان. وشاء الله فجعل بغزوة الناس أمّة واحدة، وحقّق عندهم أنّ الدين عند الله الإسلام فغدت بعظمته ما بين راكعة وساجده، مولانا السلطان الملك الظاهر السيّد الأجلّ، العالم، العادل، المؤيّد، المظفّر، المنصور، ركن الدنيا والدين، خلّد الله ملكه مدى الأيام، وأسّس قواعد ملكه على إحكام التشييد وتشييد الأحكام. / ١١ أ / ملك أنسى الله بزمانه كل زمان، وأذلّ بعزائمه من لم يدن ومن دان. وبسط يده فدهم الأعداء بما لم يكن لهم به يدان. وصوّب رأيه في كلّما يأتي ويذر، ولا شبهة في أنّ الملوك نقيّة الأذهان. ولا كذهنه الخارق، وحدسه الصادق، وفكره الفائق الرائق. ولما كان بهذه المثابة من حسن النظر، وهذه المكانة من شريف التأثير والأثر، أنعم النظر لولده وليّ عهده، والكافل الرعيّة لا أناط الله بعده من بعده، مولانا السلطان الملك السعيد ناصر الدنيا والدين، أمتع الله (من) (١) وكلّ منهما بالأسد وشبله، والفرض ونقله، والسيّد ونجله، في جهة (٢) يودعها ما تنتجه السلطنة من مقدّمات نسله


(١) عن الهامش.
(٢) الجهة: الزوجة. وتطلق على حريم السلطان.

<<  <   >  >>