العبارة اختلف علماءُ الحديثِ والأصول في أن لها حُكم الرفع أو لا؟ على ثلاثة أقوال ثالثها: إن أضاف ذلك إلى عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فله حُكْم الرفع، وإن لم فلا، وقد وقع عند الدارقطني والطحاوي (١) بإسنادٍ ضعيف التصريح بالرفع لفظ: رَخَّص رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - للمتمتع إذا لم يجد الهَدْيَ أن يصوم أيام التشريق".
وحجة القول الثالث كالثاني، فإن المُحْصَرَ حُكمه حكم المتمتع.
وأخرج البخاري عن غيره "أن عائشة كانت تصوم أيام منى وكان أبوها يصومها" (٢).
والظاهر أن ذلك في غير الحج، وذهب المؤيد بالله وأبو العباس والمرتضى إلى أن النهيَ للتنزيه فيها لا للتحريم، قالوا: لأن النهي ليس لذات الصوم، وإنما هو لأمرٍ آخر وهو أنه متضمن رد كرامة الله تعالى بالأكل وغيره، وهو احتجاج في غاية الضعف، فإن هذا التعليل هو مناسب للتحريم، وأيضًا فإن النهي ظاهر في التحريم لا يُصرف عنه إلا لقرينة، ولو احتجوا بما روي مِنْ فعْل عائشة وأبيها، وأن فعلهما مع معرفتهما قرينة بأن النهي مقترن بما يدَلُّ على أنه ليس للتحريم وإنْ لم يُنْقَلْ ذلك حملًا لهما على أنهما لعلمهما وأخصيتهما (١) بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفعلان ذلك إلا لقرينة قوية تصرف النهي عن ظاهره لكان سديدًا، والله أعلم.
وأيام التشريق هي الثلاثة الأيام بعد النحر، قال المصنف -رحمه الله تعالى: "لأن يوم النحر لا يُصَامُ بالاتفاق، وصيام التشريق مختلف فيه"