للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبحديث أبي موسى رفعه: "من صام الدهر ضيقت عليه جهنم وعقد بيده" أخرجه أحمد والنسائي وابن خزيمة وابن حبان (١)، ومعناه أنها تضيق عليه حصرًا له فيها لتشديده (أ) على نفسه وحمله عليها ورغبته عن سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - واعتقاده أن غير سنته أفضل منها، وهذا يقتضي الوعيد الشديد فيكون حرامًا.

وذهب آخرون إلى جواز صيام الدهر وحملوا أحاديث النهي على من صام ذلك مع العيدين والتشريق وهو اختيار ابن المُنْذِر وروي عن عائشة نحوه، وفيه نظر فإن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لابن عمرو على ما تدل عليه القصة ليس لأجل ما ذكر، وإنما هو لتفويت الحقوق التي ينبغي من الإنسان القيام بها المشروعة المتعلقة بالبَدَن، وبرعاية حقوق الغَيْر من الزوجة والزائر والصِّديق، والزَّجر (ب) عن التعمق في العبادة التي يخشى منها الحال المنافِي للشريعة السهلة السمحة التي تفضل الله على الأمة في شرعها برفع الحَرَج والإصْر.

وذهب الجمهور إلى استحباب صيام الدهر لمن قَويَ عليه، ولم يفوت حقًّا.

قال السبكي (٢): ويتجه التفصيل في الحق الذي قالوا وهو أنه إذا كان واجبًا حرم الصوم، وإن كان مندوبًا كره الصيام وأشار إلى هذا ابن خزيمة،


(أ) هـ: (لشدته).
(ب) هـ: (الراحة)!