للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأجابوا عن حديث أبي موسى بأن معنى "ضيقت عليه": ضيقت عنه، حكاه الأثرم عن مسدد، وحكى رده عن أحمد، وقال ابن خزيمة (١): سألتُ المزني عنه فقال: يشبه أن يكون معناه ضيقت عنه فلا يدخلها، ولا يشبه أن يكون على ظاهره؛ لأن مَن ازداد (أ) لله عملًا صالحًا ازداد رفقة وكرامة، ورجح هذا التأويل الغزالي (٢)، ويجاب عنه بأنه مع النهي عنه ليس من العمل الصالح، فإن العمل الصالح ما وافق شرع، وما عداه غلو مردود {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} (٣).

واحتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبه صوم أيام البيض وست من شوال مع رمضان بصوم الدهر (٤)، فلولا أن صائمه يستحق الثواب لما شبه به.

وأجيب بأن ذلك على تقدير مشروعيته فقد أغنى عنه كما أغْنَت الخمس الصلوات عن الخمسين الصلاة التي قد كانت فُرِضَتْ مع أن مصليها لوجوبها لا يستحق ثوابًا بل عِقَابًا.

وقد ورد في صوم الدهر من حديث أبي هريرة: "مَنْ صام الدهر فقد وهب نفسه لله عزَّ وجلَّ" أخرجه أبو الشيخ (٥)، والله أعلم.

فائدة: لم يذكر المصنف -رحمه الله- في فضل صوم رجب شيئًا ولعله لضعف الأحاديث الواردة في ذلك، كما حكى السبكي في


(أ) هـ، ي: (أراد).