للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نحو ذلك من مراتب الوحي أو اجتهاد منه - صلى الله عليه وسلم - وافق اجتهاد العباس، واجتهاده حق، وله الاجتهاد كما هو الصحيح ولا يقر على خطأ، والله أعلم.

٥٧٥ - وعن عبد الله بن زيد بن عاصم - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِن إبراهيم حَرَّمَ مكة ودعا لأهلها، وإِني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم وإِني دعوت في صاعها ومدها مثل ما دعا إِبراهيم لأهل مكة" متفق عليه (١).

قوله "إِن إِبراهيم حرم مكة" هكذا في هذه الرواية، وفي رواية ابن عباس "إن الله حرم مكة" والجمع بين الروايتين أن التحريم من الله -تعالى- قضى به وأظهر حرمته على لسان إبراهيم - عليه السلام - أو أن إبراهيم حرمه بأمر الله -تعالى- فصح نسبة التحريم إلى الله وإلى إبراهيم جميعًا، ووقع في رواية ابن عباس: "لم يحرمها الناس" (٢) والمعنى أن تحريمها شرع من الله -تعالى- لا لمجرد اختيار الناس وتعظيمهم لما لا يستحق التعظيم رجوعًا إلى الهوى كما فعلوا في كثير من الحجارة التي عبدوها من دون الله -سبحانه-، وقيل إن المعنى أن حرمتها مستمرة من أول الخلق ليست مما اختصت به شريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل المعنى من تحريم إبراهيم أنه سأل الله -تعالى- تحريمها، فكان تحريمها بدعوته، ولذلك أضيف إليه، والمراد بالتحريم هو تأمين أهلها من أن يقاتلوا، وتأمين من استعاذ بها كما قال تعالى: {ومن دخله كان آمنًا} (٣) وقوله تعالى: {أو لم يروا أنا جعلنا حرمًا آمنًا} (٤).


(١) البخاري البيوع، باب بركة صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومده ... ٤: ٣٤٦ ح ٢١٢٩.
(٢) البخاري العلم، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب ١: ١٩٧ - ١٩٨ ح ١٠٤.
(٣) سورة آل عمران الآية ٩٧.
(٤) سورة العنكبوت الآية ٦٧.