للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى الحرم كان له حكم الحرم، واحتج بعضهم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع النخل لبناء المسجد (١)، ولو كان قطع شجرها حرامًا ما فعله، وأجيب بأن ذلك كان في أول الهجرة وهو واضح، وحديث تحريم المدينة كان بعد رجوعه - صلى الله عليه وسلم - من خيبر ذكره البخاري عن أنس في الجهاد، وأيضًا فإن أبا حنيفة يجيز قطع ما كان ينبته الناس في العادة وإنما يحرم عنده ما ينبت بطبعه، وقال الطحاوي: يحتمل أن تحريم شجر المدينة وصيدها كان لأجل أن الهجرة كانت، إليها وكان بقاء الشجر والصيد مما يزيد في زينتها ويدعو إلى الرغبة فيها فلما انقطعت الهجرة زال ذلك، وأجيب عنه بأن هذا مجرد احتمال لا يثبت به النسخ مع أنه ثبت على الإفتاء بتحريمها سعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وأبو سعيد وغيرهم كما أخرجه مسلم (٢)، وعلى القول بثبوت حرمها فمن فعل شيئًا من قتل الصيدأو قطع الشجر أثم ولا جزاء عليه في روايه أحمد وهو المشهور من قول مالك والشافعي والجمهور، وقال ابن أبي ذئب وابن أبي ليلى وهو قول للشافعي في القديم، ومذهب الهادوية واختاره ابن المنذر وابن نافع صاحب مالك، وقال القاضي عبد الوهاب: إنه الأقيس أن فيه الجزاء والفدية كما في حرم مكة، وهو قول قديم للشافعي أن الجزاء في ذلك سلب الفاعل لحديث سعد بن أبي وقاص في ذلك صححه مسلم (٣) وأنه كسلب القاتل لا خمس فيه.

قال القاضي: لم يقل بهذا بعد الصحابة إلا الشافعي، وادعى بعض


(١) البخاري فضائل المدينة، باب حرم المدينة ٤: ٨١ ح ١٨٦٨، مسلم المساجد، باب ابتناء مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ١: ٣٧٣ ح ٩ - ٥٢٤.
(٢) مسلم الحج، باب فضل المدينة ... ٢: ٩٩٢ ح ٤٥٩ - ١٣٦٣، ٢: ٩٩٣ ح ٤٦٢ - ١٣٦٥، ٢: ١٠٠٣ ح ٤٧٨ - ١٣٧٤.
(٣) مسلم (السابق) ٢: ٩٩٣ ح ٤٦١ - ١٣٦٤.