ففي الحديث الترخيص لمن كان محتاجًا مع حضور التمر، وهو وجه ظاهر لما اشترطه الشافعي. قال الإمام المهدي في "البحر": وما ذكره الشافعي موافق لما ذكرنا، ولا دليل على اشتراط التقابض، وقد عرفت مأخذه من حديث زيد؛ لأن الترخيص إنما وقع في بيع ما ذكر مع عدم تيقن التساوي فقط، وأما التقابض فلم يقع فيه الترخيص، فبقي على الأصل من اعتباره، وأيد الشافعي ما ذهب إليه بأن في قوله: يأكلونها رطبًا. مشعرٌ بأن مشتري العرية يشريها ليأكلها، وأنه ليس له رطب غيرها. وعلى تفسير مالك لصاحب الحائط رطب غيرها، فلم يفتقر إلى أكل العرية. ورد هذا القول ابنُ المنذر وقال (٢): لا أعرف أحدًا ذكره غير الشافعي. قال: ولعل الشافعي أخذه من "سير الواقدي". قال: وعلى تقدير صحته فلا حجة فيه، إذ لم يقع ذلك [في](أ) كلام الشارع، وإنما ذُكِر في القصة، فيحتمل أن تكون الرخصة وقعت لأجل الحاجة المذكورة، ويحتمل أن يكون للسؤال، فلا يتم الاستدلال مع إطلاق الأحاديث المنصوصة من الشارع. وقد جمع بين الأمرين الحنابلة، فعندهم تجوز العرية لحاجة صاحب الحائط إلى البيع أو لحاجة المشتري إلى الرطب.
وقال القرطبي (٢): كأن الشافعي اعتمد في تفسير العرية على قول يحيى