وأبي حنيفة، ومالك. ومنشأ الخلاف أن النهي عن بيع المزابنة هل ورد متقدمًا ثم وقعت الرخصة في العرايا، أو النهي عن بيع المزابنة وقع مقرونًا بالرخصة في بيع العرايا؟ فعلى الأول، لا يجوز في الخمسة للشك في رفع التحريم فيقتصر علي المتيقن، وعلى الثاني، يجوز للشك في قدر التحريم. ويرجح الأول أن سالمًا قال بعد أن ذكر:"ولا تبيعوا الثمر بالتمر"(١). وأخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر، ولم يرخص في غيره (٢). فأفْهَمَ أن التحريم متقدم والترخيص بعده متأخر. ويُحتج للمالكية بقول سهل بن أبي حثمة: إن العرية تكون ثلاثة أوسق أو أربعة أو خمسة (٣).
ولكنه موقوف. وحكى ابن عبد البر (٤) عن قوم تحديد ذلك بالأربعة الأوسق، قال: واحتجوا بحديث جابر. انتهى.
وحديث جابر أخرجه الشافعي، وأحمد وصححه، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، من طريق ابن إسحاق، حدثني محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمه واسع بن حَبَّان، عن جابر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين أذن لأصحاب العرايا أن يبيعوها بخرصها يقول:"الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة"(٥). لفظ أحمد، وترجم عليه ابن حبان: الاحتياط [أن](أ)
(أ) ساقطة من النسخ، والمثبت من الفتح ٤/ ٢٨٩، وعنوان الباب عند ابن حبان ذكر الاستحباب للمرء أن يكون بيعه العرايا فيما دون خمسة أوسق ولا يجاوز به إلى أن يبلغ خمسة أوسق احتياطا.