للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بأنه إذا لم يخلف الوفاء يَبعُد عَطْفُ الموت على الإفلاس، فإن ظاهره أن ذلك سبب مستقل من دون إفلاس، وإذا أراد الغرماء أو الورثة إعطاء صاحب السلعة الثمن؛ فقال مالك: يلزمه القبول. وقال الشافعي وأحمد: لا يلزمه ذلك؛ لما فيه من المنة، ولأنه ربما ظهر غريم آخر يزاحمه فيما أخذ. وأغرب ابن التين (١) وحكى عن الشافعي أنه قال: لا يجوز له ذلك وليس له إلا سلعته. والخلاف في أصل المسألة للحنفية فقالوا: إن البائع وغيره على سواء في أن المتاع يكون أسوة الغرماء. قالوا: والحديث لا يحمل على ظاهره، بل يجب تأويله بما إذا كان المتاع وديعة أو عارية أو لقطة؛ لكونه خبر واحد خالف الأصول، لأن السلعة صارت بالبيع ملكا للمشتري ومن ضمانه، واستحقاق البائع أخذها منه نقض لملكه. وأجيب عن ذلك بأنه لو كان المقصود ما ذكر في التأويل لم يقيد بالفَلَس ولا جعل "أحق بها" بصيغة التفضيل المقتضية للمشاركة في الحقية، ولا يتصور التأويل هذا فيما تقدم من رواية سفيان: "إذا ابتاع الرجل". فذلك نص في البيع، فكيف يصح حمله على الوديعة ونحوها؟ وتأوله بعض الحنفية بتأويل أقرب وهو ما إذا أفلس قبل أن يقبض المتاع، ورُدَّ عليه بقوله: "عند رجل". في الحديث المصدر، فإنه يدل على أن المتاع قد صار في غير يد صاحبه الأول، وقولهم: إنه خبر واحد. غير صحيح، فإنه مشهور، فقد روى ابن حبان (٢) ذلك من حديث ابن عمر وإسناده صحيح، وأخرجه أحمد وأبو داود (٣) من حديث سمرة وإسناده حسن، وقضى به عثمان (٤) وعمر بن عبد العزيز (٥)، فخرج عن


(١) الفتح ٥/ ٦٥.
(٢) ابن حبان ١١/ ٤١٥، ٤١٦ ح ٥٠٣٩.
(٣) أحمد ٥/ ١٣، وأبو داود ٣/ ٢٨٧ ح ٣٥٣١.
(٤) البيهقي ٦/ ٤٦.
(٥) ابن أبي شيبة ٦/ ٣٦.