للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كان الولد كبيرًا، وخص الهدوية الحكم بالطفل، ولعلهم نظروا إلى حديث النعمان وهو كان صغيرًا، ولكنه قد ورد من حديث ابن عباس وحديث ابن عمر مرفوعًا: "لا يحل لرجل يعطي عطة أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده". أخرجه أبو داود وابن ماجه (١) بهذا اللفظ، ورجاله ثقات. فهذا لفظ عام للصغير والكبير، ويعم الهبة وغيرها من الصدقة والنذر، ومن العلماء من فرق بين الصدقة والهبة، فلا يرجع في الصدقة ويرجع في الهبة؛ لأن الصدقة يراد بها ثواب الآخرة. وقالت المالكية: للأب الرجوع إذا كان الولد لم ينكح ولا ادَّان دَيْنًا. وقال بذلك إسحاق، ولعلهم احتجوا بما روي عن عمر أنه قال: يعتصر (٢) الرجل من ولده ما أعطاه من ماله ما لم يمت، أو يستهلكه، أو يقوم فيه دين. أخرجه عبد الرزاق والبيهقي (٣). وعند مالك والشافعي والمنصور بالله أن حكم ابن الابن حكم الابن في صحة الرجوع فيما وهبه له جده، وهل يتناوله لفظ الابن حقيقة أو مجازًا؟ فيه خلاف عندهم، وعند الهدوية أنه ليس له الرجوع فيما وهبه لابن ابنه مطلقًا، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا.

والأم حكمها حكم الأب في قول أكثر العلماء، إلا أن المالكية قالوا: لها الرجوع ما دام الأب حيًّا دون ما إذا مات. وقال أحمد: لا يحل للواهب أن يرجع في هبته ولو أبًا، وذلك لعموم الأحاديث الواردة في تقبيح الرجوع


(١) أبو داود ٣/ ٢٨٩ ح ٣٥٣٩، وابن ماجه ٢/ ٧٩٥ ح ٢٣٧٧.
(٢) يعتصره: أي يحبسه عن الإعطاء ويمنعه منه. وكل شيء حبسته ومنعته فقد اعتصرته. وقيل: يعتصر: يرتجع. واعتصر العطية إذا ارتجعها. والمعنى أن الوالد إذا أعطى ولده شيئًا فله أن يأخذه منه. النهاية ٣/ ٢٤٧.
(٣) عبد الرزاق ٩/ ١٢٩ ح ١٦٦٢٢، والبيهقي ٦/ ١٧٩.