للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الدار ويقول له: أعمرتك إياها. أي: أبحتها لك مدة عمرك. فقيل لها عمرى لذلك، وكذا قيل لها رقبى؛ لأن كلًّا منهما يَرقب متى يموت الآخر لترجع إليه. وكذا ورثته يقومون مقامه في ذلك. هذا أصلها لغة.

قوله: "العُمرى لمن وُهبت له" الحديث. فيه دلالة على شرعية العُمْرى وأنها مُمَلَّكة لمن وهبت له، وصحتها. وقد ذهب إلى هذا العلماء قاطبة إلا ما حكاه الطبري عن بعض الناس، والماوردي عن داود الظاهري وطائفة، لكن ابن حزم قال بصحتها وهو شيخ الظاهرية، ثم اختلف القائلون بصحتها إلى ما يتوجه التمليك؛ فالجمهور أنه يتوجه إلى الرقبة كسائر الهبات، حتى لو كان المعمَر عبدًا فأعتقه الموهوب له نفذ، بخلاف الواهب. وقيل: يتوجه إلى المنفعة دون الرقبة. وهو قول مالك والشافعي في القديم. وهل يسلك به مسلك العاريَّة أو الوقف؟ روايتان عند المالكية، وعند الحنفية التمليك في العُمْرى يتوجه إلى الرقبة وفي الرُّقْبى إلى المنفعة، وعنهم أنها باطلة (١).

وهي على ثلاثة أقسام؛ إما أن تكون مؤبدة بأن يقول: أبدًا. أو نحو ذلك؛ بأن يقول: لك ولعقبك. فهذه لها حكم الهبة عند العترة والحنفية والشافعية، ولا ترجع إلى الواهب، إلا أن مالكًا يقول: إذا انقرضوا رجعت إلى الواهب؛ لأن لها حكم الوقف. في رواية.

وإما أن تكون مطلقة عن التقييد، فلها عند الهدوية والناصر وأبي حنيفة والقول الجديد للشافعي ومالك حكم المؤبدة. وقال الشافعي في القديم: العقد باطل من أصله؛ لأنه تمليك عين قدر مدة عمره، فأشبه ما إذا قال: سَنَة. وعنه كقول مالك، وقيل: القديم للشافعي كالجديد. ويحتج للقول الأول بحديث الباب؛ فإن قوله: "العمرى لمن وهبت له". على إطلاقه،


(١) ينظر الفتح ٥/ ٢٣٨، ٢٣٩.