للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فوجده قد أضاعه، وكان قليل المال. فأشار إلى علة ذلك وإلى العذر المذكور في إرادة بيعه.

وقوله: "لا تبتعه". أي: لا تشتره. وفي رواية البخاري: "ولا تعد في صدقتك". وسمى الشراء عودًا في الصدقة؛ لأن العادة جرت بالمسامحة من البائع في مثل ذلك للمشتري، فأطلق على القدر الذي تسامح به رجوعًا، وأشار إلى الرُّخص بقوله: "وإن أعطاكه بدرهم". وظاهر النهي التحريم، وقد ذهب إليه قوم، والجمهور حملوا النهي على التنزيه، قال القرطبي (١) رحمه الله تعالى: وهو الظاهر. ثم الزجر المذكور مخصوص بصورة الشراء وما أشبهها لا ما رجع بالميراث، ولعل ضابط ذلك ما رجع الملك إليه بالاختيار. قال الطبري (٢): يخص من عموم هذا الحديث من وهب بشرط الثواب، ومن كان الواهب الوالد لولده، والهبة التي لم تقبض، والتي ردها الميراث إلى الواهب، لثبوت الأخبار باستثناء ذلك، وأما ما عدا ذلك كالغني يثيب الفقير، ونحو من يصل رحمه، فلا رجوع لهؤلاء. قال: ومما لا رجوع فيه مطلقًا الصدقة يراد بها ثواب الآخرة، وإنما ذكر عمر مثل هذا العمل الصالح مع أن الكتم أفضل؛ لأمنه من الرياء، ولأن في ذلك بيان حكم شرعي، والتصريح بنسبته إلى نفسه؛ ليكون في روايته تحقيق القصة وتثبيت الحكم.

٧٦٤ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تهادَوا


(١) ينظر الفتح ٥/ ٢٣٧، ويعني بقوله: وهو الظاهر. التحريم فقد جاءت العبارة في الفتح هكذا: حمل الجمهور هذا النهي في صورة الشراء على التنزيه، وحمله قوم على التحريم قال القرطبي وغيره: وهو الظاهر. وينظر سبل السلام ٣/ ١٣٦.
(٢) ينظر الفتح ٥/ ٢٣٧.