للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نفعه في المقصود لإضاعته كما قد قيل هنا، لكنه لا يسوّغ شراءه إلا بالقيمة الوافرة، وليس له أن يسامح منها بشيء ولو كان المشتري هو المحبس، وقد استشكله الإسماعيلي (١) وقال: إذا كان شرط الوقف ما تقدم ذكره في حديث ابن عمر في وقف عمر لا يباع أصله ولا يوهب، فكيف يجوز أن يباع الفرس الموهوب وكيف لا ينهى بائعه أو يمنع من بيعه؟ وأجاب بأنه لعل معناه أن عمر جعله صدقة يعطها من يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إعطاءه، فأعطاها النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل المذكور، فجرى منه ما ذكر، ويستفاد من التعليل المذكور أيضًا أنه لو وجده مثلًا يباع بأعلى من ثمنه لم يتناوله النهي. انتهى. وفي الجواب بُعد. وهذا الفرس يسمي الورد، أهداه تميم الداري للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فأعطاه عمر، فحمل عليه عمر في سبيل الله. أخرجه ابن سعد (٢) عن الواقدي. وأخرج مسلم وساقه أبو عوانة (٣) في "مستخرجه" عن ابن عمر، أن عمر حمل على فرس في سبيل الله، فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا. وهذا لا يعارض ما ذكر وإن كان مناسبًا لتأويل الإسماعيلي؛ لأنه يُحمَل على أن عمر لما أراد أن يتصدق به فوض إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختيار من يتصدق به عليه، واستشاره في ذلك، فأشار إليه بتعيين الرجل المملَّك، فنسب العطية إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: فأضاعه. أي لم يحسن القيام عليه وقصَّر في مؤنته وخدمته. وقيل: أي لم يعرف مقداره، فأراد بيعه بدون قيمته. وقيل: معناه: استعمله في غير ما جعل له. والأول أظهر، ويؤيده رواية مسلم (٤) عن زيد بن أسلم:


(١) ينظر الفتح ٥/ ٢٣٦.
(٢) الطبقات الكبرى ١/ ٤٩٠.
(٣) مسلم ٣/ ١٢٤٠ ح ١٦٢١، وأبو عوانة ٣/ ٤٥١ ح ٥٦٥٦.
(٤) مسلم ٣/ ١٢٣٩ ح ١٦٢٠/ ٢.