للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كان المراد فيهما المنفعة كما قال مالك لم ينه عنهما، والظاهر أنه ما كان مقصود العرب بهما إلا تمليك الرقبة بالشرط المذكور، فجاء الشرع بمراغمتهم، فصحح العقد على طريقة الهبة وأبطل الشرط المضاد لذلك، فإنه يشبه الرجوع في الهبة، وقد صح النهي عنه، وشبه بالكلب يعود في قيئه (١)، وقد روى النسائي (٢) من طريق أبي الزبير عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه: "العُمْرى لمن أعمرها والرُّقْبَى لمن أرقبها، والعائد في هبته كالعائد في قيئه". فشرط الرجوع المقارن للعقد مثل الرجوع الطارئ بعده، فنهى عن ذلك وأمر صاحب المال أن يبقيه مطلقًا أو يخرجه مطلقًا، فإن أخرجه على خلاف ذلك بطل الشرط وصحّ العقد مراغمة له، وهو مثل شرط الولاء.

٧٦٣ - وعن عمر رضي الله عنه قال: حمَلت على فرس في سبيل الله، فأضاعه صاحبه، فظننت أنه بائعه برخص، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم" الحديث. متفق عليه (٣).

تمامه: "فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه".

قوله: حملت. أي: جعلته له ملكًا ليجاهد عليه. ولم يرد أنه وقفه للجهاد؛ إذ لو كان حملَ تَحبيس لم يجز بيعه، ويدل على ذلك قوله: برخص. فلو كان محبَّسًا لما رغب إلى أخذه، ولو جاز بيع الوقف إذا بطل


(١) تقدم ح ٧٥٨.
(٢) النسائي ٦/ ٢٦٩، ٢٧٠.
(٣) البخاري، كتاب الهبة، باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته ٥/ ٢٣٥ ح ٢٦٢٣، ومسلم، كتاب الهبات، باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه ٣/ ١٢٣٩ ح ١٦٢٠.