للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وظاهر قوله: "ولا يطلب هاربها". أنه لا يجوز ذلك ولو كان متحيزًا إلى فئة، وقد ذهب إلى هذا الشافعي، قال: لأن القصد دفعهم في تلك الحال وقد وقع. وذهبت الهدوية وأبو حنيفة والمروزي أن الهارب إلى فئة يقتل؛ إذ لا يؤمن عوده، والحديث يرد عليه، وكذا ما تقدم من كلام علي رضي الله عنه.

وقوله: "ولايقسم فيئها". فيه دلالة على أن البغاة لا تغنم أموالهم، وإن أجلبوا بها إلى دار الحرب، وقد ذهب إلى هذا محمد بن عبد الله النفس الزكية والحنفية والشافعية، ويتأيد هذا الحديث ما بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه" (١). وأخرج البيهقي (٢) عن الدراوردي عن جعفر بن محمد عن أبيه، أن عليًّا رضي الله عنه كان لا يأخذ سلبًا. وأخرج أيضًا (٢) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن جعفر بن محمد عن أبيه، أن عليًّا يوم البصرة لم يأخذ من متاعهم شيئًا. وأخرج عن أبي أمامة (٣)، قال: شهدت يوم صفين، وكانوا لا يجيزون على جريح، ولا يقتلون مولِّيًا، ولا يسلبون قتيلًا. وأخرج أيضًا (٤) عن عرفجة عن أبيه، قال: لا قتل علي رضي الله عنه أهل النهر جال في عسكرهم، فمن كان يعرف شيئًا أخذه، حتى بقيت قدر ثم رأيتها أخذت بعد. وذهب أكثر (أ) العترة وأبو يوسف إلى أنه يغنم ما أجلبوا به من مال وآلة حرب ويخمس؛ لقول علي رضي الله عنه: لكم العسكر وما


(أ) بعده في جـ: أهل.