للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ارفع يدك حتى يقضمها ثم انتزعها". وفي رواية (١): "إن شئت أمرناه فعض يدك، ثم انتزعْها أنت". وفي رواية (٢): فأهدرها.

والحديث فيه دلالة على أن هذه الجناية التي وقعت لأجل الدفع عن الضرر تهدر، ولا ضمان على الجاني، وقد ذهب إلى هذا الجمهور، وقالوا: لا يلزمه شيء؛ لأنه في حكم الصائل. واحتجوا أيضًا بالإجماع على أن من شهر على آخر سلاحًا ليقتله، فدفع عن نفسه فقتل الشاهر، أنه لا شيء عليه، قالوا: ولو جرحه المعضوض في موضع آخر لم يلزمه شيء. وشرط الإهدار أن يتألم المعضوض، وألا يمكنه تخليص يده بغير ذلك، من ضرب شدقه أو فك [لحييه] (أ) ليرسلها، ومهما أمكن التخلص بدون ذلك فعدل عنه إلى الأثقل لم يهدر. وعند الشافعية وجه أنه يهدر على الإطلاق، ووجه أنه لو دفعه بغير ذلك ضمن. وعن مالك روايتان؛ أشهرهما يجب الضمان.

وأجابوا عن هذا الحديث باحتمال أن يكون سبب الإهدار شدة العض لا النزع، فيكون سقوط ثنية العاض بفعله لا بفعل المعضوض؛ إذ لو كان من فعل صاحب اليد لأمكنه التخلص من غير قلع، ولا يجوز الدفع بالأثقل مع إمكان الأخف. وقال بعض المالكية: العاض قصد العضو نفسه، والذي استحق [في] (ب) إتلاف ذلك العضو غير ما فعل به، فوجب أن يكون كل


(أ) في الأصل، جـ: لحيته. والمثبت موافق لما في الأم ٦/ ٢٩، والمغني ١٢/ ٥٣٨.
(ب) ساقط من: الأصل.