الحديث أخرجه البخاري بلفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعه فإن الحياء من الإيمان". قال المصنف (٢) رحمه الله تعالى: لم أعرف اسم هذين الرجلين، يعني الواعظ وأخاه، والمراد بقوله: يعظ أخاه. أي ينصحه ويخوفه. وجاء في رواية للبخاري في "الأدب"(٣) بلفظ: يعاتب أخاه في الحياء؛ يقول: إنك لتستحي حتى لقد أضرَّ بك الحياء. وقد جاء في سببه: وكان الرجل كثير الحياء فكان ذلك يمنعه من استيفاء حقوقه فعاتبه أخوه على ذلك فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دعه". أي اتركه على هذا الخلق الحسن. ثم زاده في ذلك ترغيبًا لحكمه بأنه من الإيمان. والحياء بالمد، وهو في اللغة: تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به. وقد يطلق على مجرد ترك الشيء بسببه، وفي الشرع: أخلق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي [الحق](أ). والحياء وإن كان قد يكون غرِيزة، ولكن استعماله على وفق الشرع يحتاج إلى اكتساب وعلم ونية، فلذلك كان من الإيمان، وقد يكون كسبيًّا فهو من الإيمان.
(أ) في ب، جـ: الحياء. والمثبت من الفتح ١/ ٥٢، وشرح مسلم ٢/ ٦.