للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فات من طاعة الله تعالى وما هو متعذر عليه من ذلك ونحو هذا، فلا بأس به، وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث، والله أعلم.

١٢٨٨ - وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتَّى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد". أخرجه مسلم (١).

قوله: "أن تواضعوا". أي لا تَكَبَّرُوا بأن تعدوا لأنفسكم مَزِيَّة على الغير في استحقاق التعظيم، كما تقدم في الكبر، وجعل ثمرة التواضع وغايته أن: "لا يبغي أحد على أحد". أي لا يظلمه؛ فإن البغي هو الظلم، و"لا يفخر أحد على أحد". يعني يتكبر أحد على أحد، وجاء في هذا أحاديث كثيرة؛ أخرج التِّرمذيُّ وصححه والحاكم وصححه وابن ماجه (٢) عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "ما من ذنب أجدر -أي أحق- من أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدُّنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم". والبيهقيّ (٣): "ليس شيء ممَّا عُصِي الله به هو أعجل عقابًا من البغي". وجاء في الأثر: لو بغى جبل على جبل لجعل الله الباغي منهما دكًّا (٤). وكذلك خسف الله بقارون لما بغى على قومه قال تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} (٥). قال ابن عباس: من بغيه أنَّه جعل لبغيَّةٍ


(١) مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدُّنيا أهل الجنة وأهل النَّار ٤/ ٢١٩٨، ٢١٩٩ ح ٢٨٦٥/ ٦٤.
(٢) التِّرمذيُّ ٤/ ٥٧٣ ح ٢٥١١، والحاكم ٢/ ٣٥٦، وابن ماجه ٢/ ١٤٠٨ ح ٤٢١١.
(٣) البيهقي ١٠/ ٣٥.
(٤) ينظر شعب الإيمان ٦٦٩٣، وتفسير القرطبي ١٠/ ١٦٧.
(٥) الآية ٨١ من سورة القصص.