للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"من اغتيب عنده أخوه فاستطاع نصرته فنصره، نصره الله في الدُّنيا والآخرة، وإن لم ينصره أذله الله في الدُّنيا والآخرة". بل قد جاء في الحديث أن المستمع أحد المغتابين (١)، يعني فعقابه عقاب المغتاب فلا يبرئه إلَّا إنكار الغيبة والرد عن العرض إذا أمكن، أو تغيير المقام بالقيام منه إن أمكنه، أو الخوض في كلام آخر، فإن عجز عن التغيير وجب الإنكار بالقلب والكراهة للقول، وقد عد بعض المحققين السكوت كبيرة، وهو حسن؛ لورود هذا الوعيد، ولدخوله في عموم ترك إنكار المنكر؛ ولكونه أيضًا أحد المغتابين، فما ورد من وعيد المغتاب استحقه، وإن احتمل أن تسميته مغتابًا مجاز للمشابهة مبالغة في ذلك، فلا يكون حكمه حكم المغتاب حقيقة، ولكن الأحوط التنزه لئلا يكون له حكمه شرعًا ويكون العقاب عند الله سبحانه وتعالى واحد، والله سبحانه وتعالى أعلم.

١٢٩٠ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله تعالى". أخرجه مسلم (٢).

قوله: "ما نقصت صدقة من مال". يحتمل أن يراد بعدم النقصان أنَّه يبارك فيه ويدفع عنه المفسدات، فيجبر نقص الصورة بالبركة الخفية، وهذا مدرك بالحس والعادة، ويحتمل أن يراد أنَّه يحصل بالثواب المرتب على فعل الصدقة جبر نقصان عينها، وكأن الصدقة لم تنقص المال، لما يكتب الله من


(١) ولفظ الحديث: "المغتاب والمستمع شريكان في الإثم" ورد في الإحياء ولم يخرجه العراقي، وقال القارئ في المصنوع ص ١٧٣: لا يعرف له أصل بهذا اللفظ.
(٢) مسلم، كتاب البر والصلة، باب استحباب العفو والتواضع ٤/ ٢٠٠١ ح ٢٥٨٨.