للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعظيم الله تعالى ونفي النقائص عنه، ازداد كمالًا، فإن وقع ذلك في عمل صالح ممَّا فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما ازداد كمالًا، فإن صح التوجه، وأخلص لله تعالى في ذلك، فهو أبلغ الكمال.

وقال الفخر الرازي (١): المراد بذكر اللسان: الألفاظ الدّالة على التسبيح والتحميد والتمجيد، والذكر بالقلب: التفكر في أدلة الذّات والصفات، وفي أدلة التكاليف من الأمر والنهي حتَّى يطلع على أحكامها، وفي أسرار مخلوقات الله تعالى، والذكر بالجوارح؛ هو أن تفسير مستغرقة في الطاعات، ومن ثَمَّ سَمَّى الله الصَّلاة ذكرًا؛ فقال: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٢). ونقل عن بعض العارفين قال: الذكر على سبعة أنحاء؛ فذكر العينين بالبكاء، وذكر اللسان بالثناء، وذكر الأذنين بالإصغاء، وذكر اليدين بالعطاء، وذكر البدن بالوفاء، وذكر القلب بالخوف والرجاء، وذكر الروح بالتسليم والرضا. وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على تفضيل الذكر على سائر الأعمال وعلى الجهاد؛ كما في حديث أبي الدرداء مرفوعًا، أخرجه التِّرمذيُّ وابن ماجه وصححه الحاكم (٣): "ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم". قالوا: بلى. قال: "ذكر الله عزَّ وجلَّ".

وقد ورد في فضل الجهاد كذلك أحاديث، وأنه أفضل من الذكر، كما


(١) الفتح ١١/ ٢٠٩.
(٢) الآية ٩ من سورة الجمعة.
(٣) التِّرمذيُّ ٥/ ٤٢٨، ٤٢٩ ح ٣٣٧٧، وابن ماجه ٢/ ١٢٤٥ ح ٣٧٩٠ والحاكم ١/ ٤٩٦.