وقال في الشرح الممتع ما نصه: "والدليل على أن آخر وقتها إلى طلوع الفجر قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من أخر الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى». قالوا: فهذا دليل على أن أوقات الصلاة متصلة، وإذا كان كذلك فآخر وقت العشاء الآخرة وقت طلوع الفجر
ولكن هذا ليس فيه دليل؛ لأن قوله:«إنما التفريط على من أخر الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى»، يعني: فيما وقتاهما متصل، ولهذا لا يدخل فيه صلاة الفجر مع صلاة الظهر بالإجماع، فإن صلاة الفجر لا يمتد وقتها إلى صلاة الظهر بالإجماع. وإذا لم يكن في هذا الحديث دليل؛ فالواجب الرجوع إلى الأدلة الأخرى، والأدلة الأخرى ليس فيها دليل يدل على أن وقت العشاء يمتد إلى طلوع الفجر، بل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وحديث جبريل، يدلان على أن وقت العشاء ينتهي عند منتصف الليل.
وهذا الذي دلت عليه السنة، هو الذي دل عليه ظاهر القرآن؛ لأن الله عز وجل قال في القرآن:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}[الإسراء: ٧٨]، أي: من دلوك الشمس، لكن أتى باللام للدلالة على أن دخول الوقت علة في الوجوب، أي: سبب، ولهذا قال الفقهاء: الوقت سبب لوجوب الصلاة، وشرط لصحتها. والدليل على أن اللام بمعنى (من): الغاية (إلى)، والغاية يكون لها ابتداء، كأنه قال: من دلوك الشمس إلى غسق الليل، لكن أتى