للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جهد، ومجاهدة للإعلاء من هذه الشهوات وتهذيبها حسب المنهج التربوي الإِسلامي، وهنا كما يقول الأستاذ محمد قطب: "تتجلى رحمة الله بعباده .. إنه لا يريدهم على المستحيل. وهو يعلم أن الطلاقة الدائمة الكاملة بالنسبة للبشر مستحيل. فقبضة الطين لها ثقله. ودفعة الشهوة لها قوه. وثقلة المادة لها ضغط" (١). ومن ثم يقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٢) ويقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (٣).

أ- الهوى من حيث حقيقته وعلاجه (٤)

من خصائص النفس البشرية الهوى، ويتفرع منه جميع الشهوات الإِنسانية على اختلافها وتعددها وتنوعها.

ويطلق الهوى على مجموع الشهوات البشرية في النفس الإنسانية من حب الدنيا وزينتها وحب المال والجاه والسلطان .. والولد .. وشهوة النكاح .. وعمومًا كل حظوظ الدنيا.

أما معناه اللغوي كما ورد في لسان العرب: "الهوى، العشق، يكون في مداخل الخير والشر. قال اللغويون: الهَوىَ محبةُ الإنسانِ الشيء وغَلَبَهُ على قلبهِ، قال الله -عز وجل-: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} (٥)، معناه نهاها عن شهواتها وما تدعو إليه من معاصي الله -عز وجل-" (٦).

وقد عرفه ابن الجوزي بقوله: "الهوى ميل الطبع لما يلائمه" (٧).

وقد عرفه الجرجاني بقوله: "الهوى ميلان النفس إلى ما تستلذه من


(١) مرجع سابق، قطب، محمد. منهج التربية الإسلامية. الجزء الأول، ص ٤٩.
(٢) سورة التغابن، الآية ١٦.
(٣) سورة البقرة، الآية ٢٨٦.
(٤) سيناقش البحث هذا الموضوع باختصار مفيد، لأن التفصيل فيه سيقود إلى دراسة كتاب ابن الجوزي ذم الهوى. وهو يشمل خمسين بابًا، عالج فيه كل ما يتعلق بالهوى من جميع جوانبه السلبية والإيجابية.
(٥) سورة النازعات، الآية ٤٠.
(٦) مرجع سابق، ابن منظور. لسان العرب. المجلد الخامس عشر، ص ٣٧٢.
(٧) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ٩٤.

<<  <   >  >>