للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن الجوزي، لأن ابن رشد يعتبر فيلسوفًا متأثرًا بالدراسات الاستشراقية المتأخرة التي بينت تأثيره في الفكر الأوروبي" (١)، وتأثره بالفلسفة واعتباره رائدًا من روادها، وقد اصطبغت آراؤه التربوية بالصبغة الفلسفية ذات الصلة بالطابع الشرعي والقياس العقلي. بينما لم يبدُ ذلك على آراء ابن الجوزي.

ثالثًا: موازنة بعض آراء ابن الجوزي ببعض الآراء التربوية الحديثة عند غير المسلمين

إن الداعي إلى مقارنة بعض آراء ابن الجوزي ببعض الآراء التربوية الحديثة -رغم البعد الزمني- يكمن في أن المقارنتين السابقتين لم تبرزا آراء ابن الجوزي التربوية، وموقعها بين الآراء التربوية الحديثة.

وفي هذه المقارنة لن نركز على العالم التربوي أو عصره أو الفترة الزمنية التي عاش فيها، بل الذي يهمنا في المقام الأول هو أوجه الاختلاف أو الاتفاق في الآراء التربوية، وما أضافه ابن الجوزي، وما سبق به غيره وأسباب ذلك.

وستكون المقارنة لبعض آراء ابن الجوزي التربوية، الواردة في كل فصل من الفصول السابقة في البابين الثالث والرابع حسب ترتيبها.

أ - حقيقة الدوافع

سبق في الباب الثالث، الفصل الأول، أن ذكرنا تعريف الدافع وبينا حقيقته ورأي ابن الجوزي فيه وهو "أن جميع ما وُضِع في الآدمي إنما وُضع لمصلحته، إما لاجتلاب نفع كشهوة المطعم أو لدفع ضرر كالغضب" (٢) وهو بذلك يوافق ما ذهب إليه بعض علماء النفس وإن كان ثمة خلاف فهو في تحديد هذه الدوافع الغريزية، فقد أرجعها بعضهم إلى واحدة "هي الغريزية الجنسية (فرويد)، أو غريزة السيطرة، ومنهم من رآها متعددة، وقد اختلفوا في عددها؛ فرأى "ماكدوجل" زعيم المدرسة التقليدية في الغرائز أنها أربع عشرة غريزة، يصحب كلا


(١) المرجع السابق، ص ٨٠. بتصرف.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ٩٢.

<<  <   >  >>