للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: حياته العلمية

تميزت طفولة ابن الجوزي بجده واجتهاده في تحصيل العلم مع ما وهبه الله تعالى من حب للعلم، وما توافر له من أسبابه، كما ذكرها ابن الجوزي "وهيأ لي أسباب العلم وبعث إليَّ الكتب من حيث لا أحتسب. ورزقني الفهم وسرعة الحفظ والخط وجودة التصنيف" (١)، عرف عن ابن الجوزي فضل الله عليه بتحبيبه العلم منذ صغره فنمَّى هذه النعمة وصقلها بالقراءة والاطلاع، فقال عن نفسه: "ولو قلت: إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر وأنا بعدُ في الطلب. فاستفدت بالنظر فيها من ملاحظة سير القوم وقدر هممهم وحفظهم وعباداتهم وغرائب علومهم ما لا يعرفه من لم يطالع" (٢)، ولم يقف عند حد القراءة والاطلاع بل تعداه إلى التأليف فكان "لا يضع من زمانه شيئًا يكتب في اليوم -أربع كراريس- (٣) ويرتفع له كل سنة من كتابته ما بين خمسين مجلدًا إلى ستين وله في كل علم مشاركة" (٤).

وكان ابن الجوزي حريصًا على وقته، لا يضيعه فيما لا يفيد، ومن شدة حرصه يقول: "فصرت أدافع اللقاء (زيارات الناس له) جهدي، فإذا غُلِبتُ قصرت في الكلام لأتعجل الفراق. ثم أعددت أعمالًا لا تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم لئلا يمضي الزمان فارغًا. فجعلت من المستعد


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. لفتة الكبد إلي نصيحة الولد .. ص ٤٧.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٤٤١.
(٣) مرجع سابق، الداودي. طبقات المفسرين. الجزء الأول، ص ٢٨٠.
(٤) مرجع سابق، الحنبلي. شذرات الذهب في أخبار من ذهب. الجزء الثالث، ص ٣٣٠.

<<  <   >  >>