للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• الفصل الرابع التربية الروحية

سنتناول في هذا المبحث تربية الجانب الروحي، الذي يعتبر محركًا ومغذيًا لجميع الجوانب في الكيان الإنساني، وذلك من خلال آراء ابن الجوزي في هذا الجانب.

أولًا: ماهية الروح عند ابن الجوزي

إتبع ابن الجوزي طريقة السلف الصالح في أمر الروح، وهي عدم الخوض فيما لم يظهره الله تعالى، والاكتفاء بما ورد في الكتاب الكريم والسُّنة النبوية الشريفة دون تأويل أو تشبيهٍ أو تعطيل. وقد انتقد أولئك العلماء الذين يخوضون لمعرفة ماهية الروح، فقال: "رأيت كثيرًا من الخلق وعالمًا من العلماء، لا ينتهون عن البحث عن أصول الأشياء التي أُمروا بعلم جُلها، ومن غير بحث عن حقائقها، كالروح مثلًا؛ فإن الله تعالى سترها بقوله: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} (١)، فلم يقنعوا، وأخذوا يبحثون عن ماهيتها ولا يقعون بشيء، ولا يثبت لأحد منهم برهان على ما يدعيه، وكذلك العقل، فإنه موجود بلا شك، كما أن الروح موجودة بلا شك، كلاهما يعرف بآثاره لا بحقيقة ذاته" (٢).

وعلى الرغم من انتقاده لأولئك العلماء، فقد بيَّن ابن الجوزي ماهية الروح، وهي أنها شيء مبهم غامض، ليس له حدود. وهي لا


(١) سورة الإسراء، الآية ٨٥.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي (الطنطاويان). صيد الخاطر. ص ٩٠ - ٩١.

<<  <   >  >>