للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهيمةً جمعاءَ. هل تحسون فيها من جدعاءَ" (١).

وبعد عرض الآراء التربوية التي استند فيها ابن الجوزي إلى السنة النبوية الشريفة بأقوالها وأفعالها، وصلت إلى أنه اعتمد عليها اعتمادًا كبيرًا، وبنى آراءه عليها باعتبارها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، وهذا يدل على أهمية السنة النبوية في إغناء الفكر التربوي الإسلامي، وتبرز قدرة ابن الجوزي على توظيف ثقافته الحديثية في بلورة آرائه التربوية موشحة بألفاظ الحديث تارة، أو باقتباس المعنى تارةً أُخرى، أو باستقائها عامة من روح السنة النبوية المطهرة بأفعالها وتقريراتها. وقد عرض كل ذلك في أسلوبٍ واضحٍ ميسَّر.

ثالثًا: الآراء التربوية التي وثقها ابن الجوزي بالقواعد الفقهية

قبل عرض الآراء التربوية التي وثقها ابن الجوزي بالقواعد الفقهية، لابد من معرفة ما المقصود بهذه القواعد؟ ولماذا اعتبرناها أداةً من أدوات تقويم آراء ابن الجوزي التربوية، وأهميتها في الفكر التربوي.

ونبدأ كلامنا بتعريف علم أصول الفقه في الاصطلاح الشرعي: "هو العلم بالقواعد والبحوث التي يتوصل بها إلى استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية. أو هي مجموعة القواعد والبحوث التي يتوصل بها إلى استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية" (٢). والمقصود بأدلتها التفصيلية الأدلة الشرعية المعروفة: القرآن، السنة، الإجماع، القياس، الاستحسان، المصلحة المرسلة، العرف، الاستصحاب، شرع من قبلنا، مذهب الصحابي.

والأصولي: "لا يبحث في الأدلة الجزئية، ولا فيما تدل عليه من الأحكام الجزئية، وإنما يبحث في الدليل الكلي وما يدل عليه من حكم كليِّ ليضع قواعد كليةً لدلالة الأدلة كي يطبقها الفقيه على جزئيات الأدلة


(١) مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الرابع، ص ٢٠٤٧، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين، حديث رقم ٢٦٥٨.
(٢) مرجع سابق، خلّاف. علم أصول الفقه. ص ١٢.

<<  <   >  >>