للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها على الأحمق فقال: "ترك نظره في العواقب، وثقته بمن لا يعرفه ولا يخبره، ومنها أنه لا مودة له، ومنها العجب وكثرة الكلام" (١)، كذلك من "علامات الأحمق خلوّه عن العلم أصلًا، فإن العقل لابد أن يحرك إلى اكتساب شيءٍ من العلم وإن قلَّ، فإذا علا السن ولم يحصِّل شيئًا من العلم دلّ على الحمق" (٢).

أما العلامات التي يستدل بها على عقل العاقل من خلال تصرفاته وأفعاله وأحواله فقال ابن الجوزي بشأنها "يستدل على عقل العاقل بسكونه وسكوته وخفض بصره، وحركاته في أماكنها اللائقة بها، ومراقبته للعواقب، فلا تستفزّه شهوة عاجلة عقباها ضرر، وتراه ينظر في القضاء فيخير الأعلى والأحمد عاقبة من مطعم ومشرب وملبس وقولٍ وفعلٍ، ويترك ما يخُاف ضرره، ويستعد لما يجوز وقوعه" (٣).

وتأكيدًا لرأي ابن الجوزي، نقول قد وافقه د. عبد الرحمن صالح بقوله: "إن الأقوال والأفعال الصادرة عن المرء معايير صادقة للحكم على مدى رجحان عقله؛ فالذي يدرك العوامل الماثلة في الموقف والنتائج المترتبة عليها، ويتصرف وفقًا لذلك إنسان عاقل بخلاف من يغتر بظواهر الأمور ولا يتريث عند اختيار الحلّ المناسب للمشكلة الراهنة" (٤).

خامسًا: العلم والتعليم عند ابن الجوزي

إن ابن الجوزي كغيره من العلماء المسلمين الذين أشادوا بالعلم والتعليم والعلماء، وذلك من خلال فهمه العميق للمنهج التربوي والتعليمي في الإسلام. وفي هذه السطور، سنعرض لبعض آرائه في هذا المجال.

أ - فضل العلم والعلماء:

إن للعلم والعلماء في الإسلام منزلةً عظيمةً، لا تُدانيها، منزلته في غيره من الأديان. وقد وردت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. أخبار الحمقى والمغفلين. ص ٣٢.
(٢) المرجع السابق، ص ٣٣.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. الأذكياء. ص ٩.
(٤) مرجع سابق، صالح، عبد الرحمن. ابن الجوزي وتربية العقل. ص ٣٣.

<<  <   >  >>