للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الصفات الجسمية التي يستدل بها على الأذكياء، فقد استشهد بشأنها بأقوال الحكماء قائلا: "الخلق المعتدل والبنية المتناسبة دليل على قوة العقل وجودة الفطنة، وإذا غلظت الرقبة دلت على قوة الدماغ، ووفوره، ومن كانت عينه تتحرك بسرعةٍ وحدةٍ فهو مكّار محتال لص، وأحمد العيون الشُّهل، وإذا لم تكن الشهلاء شديدة البريق، ولا يظهر عليها صفرة ولا حمرة دلت على طبعٍ جيدٍ، وإذا كانت العين صغيرةً غائرةً فصاحبها مكار حسود، ومن كان نحيف الوجه فهو فهيم بالأمور، واللطف في النِّحاف والقصار أظهر، والمعتدلون في الطول صالحو الحال" (١).

إن استشهاد ابن الجوزي بهذه الصفات، يؤكد على أن هناك علاقةً بين الذكاء والصفات الجسمية في رأيه، وهذا مخالف لما أثبتته الدراسات النفسية التجريبية، التي حاول فيها الباحثون "بحث قضية ذكاء الإنسان وقياسه، فحاول البعض الربط بين الذكاء وتضاريس الجمجمة أو اتساع الجبهة، وحاول البعض الآخر قياسه عن طريق قياس بعض السمات الشخصية، مثل درجة الحساسية للألم، والقدرة على التمييز الحسي، ثم ما لبث العلماء أن كشفوا عن خطأ هذه الاعتبارات" (٢). كذلك "دلت نتائج الأبحاث التجريبية الإحصائية التي أجراها جولتون على فراسة الجمجمة وبيرسون على مقاييس فراسة الوجه، وجورنج على التشوهات الخلقية بين المجرمين على خطأ هذه الوسيلة وفشلها في قياس الذكاء والمواهب العقلية الأخرى" (٣).

وقبل أن تؤكد هذه الأبحاث والدراسات النفسية ذلك، فإنه لم ترد آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، تبين أن هناك علاقةً وارتباطًا وثيقين بين القدرات العقلية والصفات الجسمية.

٢ - القسم الثاني: من حيث الخصال والأفعال:

وقد ذكر فيها ابن الجوزي الصفات السلوكية والخلقية، التي يستدل


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. الأذكياء. ص ٨.
(٢) مرجع سابق، السمالوطي. الإسلام وقضايا علم النفس الحديث. ص ١٦٨.
(٣) مرجع سابق، السيد، فؤاد، البهي. الذكاء. ص ١٠٨.

<<  <   >  >>