للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضده" (١)، وقوله أيضًا: "وقد تكلم قوم من النحويين بالإعراب مع العوامّ، فكان ذلك من جنس التغفيل، وإن كان صوابًا، لأنه لا ينبغي أن يُكلّم كل قوم إلا بما يفهمون" (٢).

وقد حدد ابن الجوزي درجات العقل المرتفعة على الوجه الآتي: الفطنة، ثم الذكاء، ثم الفهم، ثم الذهن. ودرجات العقل المنخفضة على الوجه الآتي: الحمق، ثم التغفيل، ثم البله، ثم الجنون. ولم يكتف ابن الجوزي بتحديد هذه الدرجات المرتفعة والمنخفضة بل عرَّفها وبيَّن الفروق بينها، ولكنه لم يبيِّنها بالأرقام العددية كما يبينها علماء النفس اليوم، وسأقوم بتوضيح ذلك.

ثانيًا: تعريفات درجات العقل عند ابن الجوزي

١ - الفطنة:

لم يعرَّف ابن الجوزي الفطنة، ولكنه سرد قصصًا تدل عليها. واعتبر الأنبياء من الأفراد المتميزين بقوة الفطنة الفطرية، فقال: "معلوم أن فطن الأنبياء فوق الفطن" (٣)، وقد قصّ قصص الأنبياء التي تدل على فطنتهم، ولا مجال لعرضها حتى لا يطول البحث، ويمكن الرجوع إليها في كتابه الأذكياء.

٢ - الذكاء:

وقد عرَّفه ابن الجوزي بقوله: "الذكاء جودة حدسٍ من هذه القوة تقع فى زمانٍ قصيرٍ غير ممهلٍ، فيعلم الذكي معنى القول عند سماعه" (٤).

ثم وضح معناها اللغوي بقوله: "قال الزجَّاج: الذكاءُ في اللغة تمامُ الشيءِ ومنه الذكاءُ في السنِ، وهو تمام السن ومنه الذكاءُ في الفهمِ


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٤١٩.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. أخبار الحمقى والمغفلين. ص ١٢٥.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. الأذكياء. ص ١٠.
(٤) المرجع السابق، ص ٦.

<<  <   >  >>