للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُرى بالعين المجردة، وعلم حقيقتها عند الله تعالى، وهي تُعرفُ بآثارِها في سلوك الإنسان وتصرفاته، وقد قال في ذلك ابن الجوزي: "ولا يعرف مع هذا ماهيتها، ولا كيفيتها ولا جوهرها ولا محلّها. ولا يفهم من أين جاءت، ولا يدري أين تذهب، ولا كيف تعلقت بهذا الجسد" (١). وقال: "وكذلك العقل، فإنه موجود بلا شك، كما أن الروح موجودة بلا شك، كلاهما يعرف بآثاره لا بحقيقة ذاته" (٢).

ثانيًا: صفات الروح

بيَّن ابن الجوزي صفات الروح فذكر أنها جوهر مخلوق، لا يتجزأ ولا يموت، وهو المحرك لجميع البدن وبمثابة الخادم للسيد، فقال: "إن الروح في ذاته جوهر لا يتجزأ ولا يموت، وقدره جوهر لا قيمة له (٣)، وإنما آلات البدن خادم له تعين على السفر" (٤).

ثمَّ يوضح ابن الجوزي حقيقة موت الروح، وما قيل فيها من آراءٍ، فقال: "ثمَّ أشكل عليهم مصيرها بعد الموت، ومذهب أهل الحق أن لها وجودًا بعد موتها وأنها تنعمُ أو تعذب" (٥).

ثمَّ فصّل هذا القول بقوله: "وقد أخذ بعض الجهلة بظواهر أحاديث النعيم، فقال: إن الموتى يأكلون في القبور وينكحون. والصواب من ذلك أن النفس تخرج بعد الموت إلى نعيم أو عذاب، وأنها تجد ذلك إلى يوم القيامة. فإذا كانت القيامة، أعيدت إلى الجسد ليتكامل لها التنعم بالوسائط، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "في حواصل طير خضر". دليل على أن النفوس لا تنال لذة إلا بواسطة" (٦).

ولتأكيد هذا المعنى فقد استشهد ابن الجوزي بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:


(١) المرجع السابق، ص ٢٥٣.
(٢) المرجع السابق، ص ٧٦.
(٣) معناه: أي هو فوق كل قيمة.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. كتاب اللطف في الوعظ. ص ٨١.
(٥) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٣٥.
(٦) المرجع السابق، ص ٣٥.

<<  <   >  >>