للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زلاته، فإن اختُطف في خلال ما ذكرنا فنية المؤمن خير من عمله. وإن بلغ إلى هذه المنازل فقد بينا ما يصلح لكل منزل" (١).

والذي يبدو من رأي ابن الجوزي أنه وجه الإنسان إلى كيفية اغتنام العمر في طلب العلم والاشتغال بالتأليف، لاسيما إذا فاته في أول العمر. فإذا جاوز السبعين جعل الغالب عليه ذكر الآخرة والتهيؤ للرحيل. وهذا لا يعني ترك التزود والاستعداد للرحيل قبل هذه السن، لأن المؤمن يتهيأ للرحيل في كل وقت، لأنه لا يعلم متى يحين أجله، ولكن زيادة الاستعداد في هذه السن أوجب.

سادسًا: رأي ابن الجوزي في مرحلة الهرم

قال ابن الجوزي عن هذه المرحلة: "والموسم الخامس: ما بعد السبعين إلى تمام العمر وهو زمن الهرم" (٢). وعلم النفس يقسم هذه المرحلة إلى:

١ - الشيخوخة المبكرة: وهي تمتد من ٦٠ سنة إلى ٧٥ سنة.

٢ - الهرم: وهو يمتد من ٧٥ سنة إلى نهاية العمر (٣).

وقد ركز ابن الجوزي في هذه المرحلة من عمر الإنسان، على تذكيره بأنها نهاية المطاف، لذلك لابد من اغتنام الثواني والساعات في الدعاء والاستغفار، والاستزادة من العمل الصالح، واستثمار ما بقي من عمره في الصدقة الجارية، ليصله أجرها بعد انقطاع عمله. قال عن هذه المرحلة: "ولم يبق زمنَ الهرم إلا تذكر ما مضى، فقد أدرك ما فات والاستغفار والدعاء وعمل ما يمكن من الخير اغتنامًا للساعات والتأهب للرحيل" (٤).

وقال أيضًا: "فإن تمت له الثمانون فليجعل همته كلَّها مصروفة إلى تنظيف خلاله، وتهيئة زاده، وليجعل الاستغفار حليفه، والذكر أليفه،


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٢٢٩.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. "تنبيه النائم الغمر على مواسم العمر". ص ٥٨.
(٣) مرجع سابق. السيد، د. فؤاد، البهي. الأسس النفسية للنمو. ص ٣٣٥.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. "تنبيه النائم الغمر على مواسم العمر". ص ٦٤.

<<  <   >  >>