للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إحساسي بالحاجة إلى استخراجها وجمعها من ثنايا مؤلفات ابن الجوزي الكثيرة، ورؤيتي القصور في دراستها، ثم محاولة إبرازها منظمة ومرتبة ومنسقة على نهج تربوي، ثم تحليلها وتقويمها ومقارنتها ببعض الاتجاهات التربوية المعاصرة مع بيان وجوه الاستفادة من نهجه التربوي في تربيتنا المعاصرة. . . . كل ذلك دفعني إلى اختيار هذا الموضوع.

ولذا فإن هذه الدراسة خطوة على طريق البناء التربوي الإسلامي المنشود لإرساء قواعده وأسسه وأهدافه وأغراضه وأساليبه من منطلق الفهم العميق للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ثم من خلال مؤلفات ابن الجوزي وما خطته يداه .. وأملته تجربته من مبادئ وآراء وأساليب، علّها تفيدنا في تربيتنا وتعليمنا المعاصر .. وتساهم في تأصيل الفكر التربوي الموجود اليوم عند عامة المسلمين، وتخفف من انبهارهم وتبعيتهم للفكر الغربي ونظرياته المعاصرة.

ثانيًا: تحديد المشكلة

لما بدأ المسلمون استعارة المناهج والنظم التربوية من الشرق والغرب، غلب على تلك النظم التعليمية "طابع الاستيراد والتقليد، الذي جعلها لا تتلاءم مع متطلبات المجتمع أو البيئة، كما أنها قد لا تُعنى برغبات الطلاب ومواهبهم الخاصة، فهي لذلك لا تحل مشكلات البلاد الناهضة، بل هي بدورها قد تولد مشكلات عديدة جديدة للمجتمع الذي استوردها. . . ." (١) لذلك فإن ترجمة بعض الكتب ونقلها وتقليدها بكل ما تحويه من عقائد ومبادئ وقيم تتعارض مع عقيدة وقيم أمتنا العربية الإسلامية نتج منه "أنه وُجدت في العالم الإسلامي الشخصية المتناقضة في الفكر والسلوك، حتى أصبح الجيل المسلم ركامًا من التناقضات، ونهبًا للعديد من الأفكار، وأصبح غارقًا في محيط النظريات والآراء، وأضحى لا لون له ولا ميزة" (٢)، وبذلك لا يمثل المسلمون


(١) الجمالي، محمد فاضل. نحو تربية مؤمنة. تونس، الشركة التونسية للتوزيع، الطبعة الأولى، ١٩٧٧ م، ص ٣٣.
(٢) مرجع سابق، التميمي، عز الدين وسمرين، بدر، إسماعيل. نظرات فى التربية الإسلامية. ص ٥.

<<  <   >  >>