للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله تعالى ومرضاته باتباع شرعه، واجتناب ما نهى عنه ويصبر ويجاهد ويصابر في سبيل ذلك. قال ابن الجوزي: "ومن هذا الفن تحصيل الثواب في الآخرة. فإنه يزيد على قوة الاجتهاد والتعبد، أو على قدر وقع المبذول من المال فى النفس، أو على قدر الصبر على فقد المحبوب، ومنع النفس من الجزع" (١).

كذلك الزهد يحتاج إلى مشقة، قال ابن الجوزي: "وكذلك الزهد يحتاج إلى صبر عن الهوى" (٢)، وقال في العفاف: "والعفاف لا يكون إلا بكفِّ كفِّ الشره. ولولا ما عانى يوسف -عليه السلام- ما قيل له أيها الصديق" (٣). ثم يمدح ابن الجوزي الساعين في الرقيّ بنفوسهم، ويصف حالهم في أثناء المجاهدة .. قائلا: "والله أقوام ما رضوا من الفضائل إلا بتحصيل جميعها، فهم يبالغون في كل علم، ويجتهدون في كل عمل، ويثابرون على كل فضيلة. فإذا ضعفت أبدانهم عن بعض ذلك قامت النيات نائبة وهم لها سابقون. وأكمل أحوالهم إعراضهم عن أعمالهم؛ فهم يحتقرونها مع التمام ويعتذرون من التقصير. ومنهم من يزيد على هذا فيتشاغل بالشكر على التوفيق لذلك، ومنهم من لا يرى ما عمل أصلًا، لأنه يرى نفسه وعمله لسيده" (٤).

ولهذا كان التدريب على البذل في مختلف النواحي النفسية والخلقية، يحتاج إلى صبر ومصابرة، حتى تتخلص النفس من ضعفها البشري، ويسلس قيادها للتفاني في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى، وإقامة الشرع الحنيف، كما ارتضاه الله تبارك وتعالى.

رابعًا: ممارسة أنواع التدريب الخاصة بالتحمل والصبر

يعتبر الصبر من الأخلاق الفاضلة التي ينبغي للمرء تدريب نفسه عليها، فالصبر ضرورة دنيوية ودينية. وقد وعد الله تعالى الصابرين


(١) المرجع السابق، ص ٢٦٩.
(٢) المرجع السابق، ص ٢٦٩.
(٣) المرجع السابق، ص ٢٦٩.
(٤) المرجع السابق، ص ٢٦٩.

<<  <   >  >>