للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ - ممارسة أنواع التدريب الإرادي للسلوك الفطري:

وذلك عن طريق إشباع الدوافع الفطرية كالأكل والشرب والجنس، وضبطها بالضوابط الشرعية، وتهذيب الانفعالات المختلفة مثل الغضب ودفع الإساءة بالإحسان، ومغالبة الهوى وضبط النفس وكظم الغيظ.

وقد تكلم ابن الجوزي عن هذه الدوافع الفطرية والانفعالات، مبينًا طريقة إشباعها ثم ضبطها وإعلاءها، بطريقة تتفق وفطرة الإنسان. وقد سبق تحليل ذلك في الفصل الأول من الباب الثالث، لذلك لا داعي لذكرها هنا اجتنابًا للتكرار.

ب - ممارسة أنواع التدريب الإرادي الخاصة بالبذل والعطاء:

بعد تدريب النفس البشرية على ضبط شهواتها وإعلائها، لابدّ من تدريبها على البذل، بذل النفس والمال والجهد وكلَّ ما تملك، حتى تقوى إرادتها، ويسلس قياد النفس لصاحبها والتدريبُ على البذل وكذا العطاء المثمر يحتاجان إلى مضاعفة الجهد، وتحمل الآلام، وفي هذا يقول ابن الجوزي: "إن كل شيء نفيس خطيرٍ يطول طريقه ويكثر التعب في تحصيله" (١). وقد عدَّد ابن الجوزي بعض الأمور التي تحتاج إلى مجاهدةٍ ومصابرة، حتى تنالها النفس البشرية، فقال: "العلم لما كان أشرف الأشياء لم يحصل إلا بالتعب والسهر والتكرار وهجر اللذات والراحة" (٢). وقال في المال: "ونحو هذا تحصيل المال، فإنه يحتاج إلى المخاطرات والأسفار والتعب الكثير" (٣). وقال في الكرم: "وكذلك نيل الشرف بالكرم والجود، فإنه يفتقر إلى جهاد النفس في بذل المحبوب، وربما آل إلى الفقر" (٤). وقال في الشجاعة: "وكذلك الشجاعة، فإنها لا تحصل إلا بالمخاطرة بالنفس" (٥).

كذلك من أراد ثواب الآخرة، فإنه لابد أن يدرب نفسه على طاعة


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٢٦٨.
(٢) المرجع السابق، ص ٢٦٨.
(٣) المرجع السابق، ص ٢٦٩.
(٤) المرجع السابق، ص ٢٦٩.
(٥) المرجع السابق، ص ٢٦٩.

<<  <   >  >>