للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الجنيد: "الإرادةُ أن يعتقدَ الإنسانُ الشيءَ، ثم يعزمَ عليه، ثم يريدُه، والإرادةُ بعد صدقِ النيةِ" (١).

ومن هذه التعريفات يمكن القول: بأن الإرادة قوة باعثة ومحركة للسلوك، أو العمل الذي اقتنع به الشخص، أو الفكرة التي آمن بها.

وابن الجوزي لم يعرّف الإرادة ولم يحدّد الطريقة المناسبة لتربية الإرادة مباشرة، ولكنه قدم إشارات عامة لهذه التربية، وسأحاول تصنيفها بطريقة تتناسب ومجالها في هذا الموضوع، وقد جعلت كتاب جوانب التربية الإسلامية الأساسية للدكتور مقداد يالجن هو الأصلَ الذي اقتبست منه عناوين هذا المبحث لصعوبة الحصول على آراء ابن الجوزي بمسمياته نفسها في مجال التربية الإرادية.

ثانيًا: شروط التربية الإرادية عند ابن الجوزي

قال د. مقداد يالجن: "تناول الإسلام موضوع الإرادة من حيث طبيعتها وروافدها وميادين تدريبها. وأما من حيث طبيعتها فإنها عبارة عن عزم وتصميم لفعل شيء أو تركه، وعلامة الإرادة هي النزوع المباشر إلى الفعل المراد أو إلى اتخاذ أسبابها" (٢)، ثم استشهد د. مقداد بقول الله تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} (٣). وعلى هذا فالإرادة لابدّ لها من باعث يدفعها لأداء العمل أو السلوك، وتظهر قيمة هذا الفعل من الإيمان بالله تعالى، وهي التي نعبر عنها بالنية. وقد عرف الفقهاء والعلماء النية بتعريفات عدة منها:

١ - تعريف الفقهاء: "لغة: القصد، وشرعا: قصد الشيء مقترنًا بفعله" (٤).

٢ - تعريف الإمام الغزالي: "إن النية والإرادة والقصد عبارات


(١) مرجع سابق، يالجن. جوانب التربية الإسلامية الأساسية. ص ٤٤٧.
(٢) المرجع السابق، ص ٤٥٦.
(٣) سورة التوبة، الآية ٤٦.
(٤) السدلان، د. صالح، بن غانم. النية وأثرها في الأحكام الشرعية. الرياض، مكتبة الخريجي، الطبعة الأولى، ١٤٠٤ هـ -١٩٨٤ م، الجزء الأول، ص ٩١.

<<  <   >  >>