للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل على وجود الخالق سبحانه هذه النفس الناطقة المميزة المحركة للبدن على مقتضى إرادتها، فقد دبرت مصالحها، وترقت إلى معرفة الأفلاك، واكتسبت ما أمكن تحصيله من العلوم، وشاهدت الصانع في المصنوع، فلم يحجبها ستر وإن تكاثف ولا يعرف مع هذا ماهيتها ولا كيفيتها ولا جوهرها ولا محلها. ولا يفهم من أين جاءت، ولا يدري أين تذهب، ولا كيف تعلقت بهذا الجسد؟ وهذا كله يوجب عليها أن لها مدبرًا وخالقًا، وكفى بذلك دليلًا عليه. إذ لو كانت وجدت بها لما خفيت أحوالها" (١).

خامسًا: الآراء التربوية الأُخرى

بعد عرض الآراء التربوية لابن الجوزي تلك التي وثقها بالآيات القرآنية، أو الأحاديث النبوية، أو القواعد الفقهية، أو طريقة الاستقراء. فإن هناك آراء تربوية وثقها بقصص الأنبياء -عليهم السلام- أو السلف الصالح، كذلك استشهد بالشعر التربوي الذي يضفي على الرأي قوة ووضوحًا وأصالة، كما أضاف على رأيه التربوي حصيلة تجاربه وخبراته الشخصية في هذا المجال. وسأعرض هذه الآراء:

أ - الآراء التربوية التي وثقها ابن الجوزي بقصص الأنبياء وأقوالهم

١ - استشهد ابن الجوزي على فائدة العقاب بقول لقمان لابنه: "يا بني. ضرب الوالد للولد مثل السماد للزرع" (٢).

٢ - استشهد ابن الجوزي على إشباع دافع الجنس عن طريق الزواج الشرعي الحلال بفعل موسى -عليه السلام- فقال: "وقد أنفق موسى -عليه السلام-، من عمره الشريف عشر سنين في مهر بنت شعيب. فلولا أن النكاح من أفضل الأشياء لما ذهب كثير من زمان الأنبياء فيه" (٣).

٣ - استشهد ابن الجوزي على التربية الإرادية بقصص الأنبياء


(١) المرجع السابق، ص ٢٥٣.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٣٤. لم أجد له مصدرًا.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٢٦.

<<  <   >  >>