للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بطريقةٍ صحيحةٍ، لابد من توجيهه بكافة الطرق والوسائل الإيجابية الفعّالة، "لأنه الأساس في الدين، وفي بناء الأمّة الإِسلامية، فبقدر ما تكون العقيدة قوية في الأُمة، تكون هذه الأمّة قوية متماسَكة ملتزمة بالسلوك الذي تقتضيه هذه العقيدة، إذ إن العقيدة هي القوة الدافعة إلى العمل والموجهة إلى أعمال وغايات سامية، وبقدر قوة العقيدة يندفع الأفراد والجماعات إلى الأعمال الإيجابية، فالعقيدة من هذه الناحية طاقة لا تنفد للأفراد والجماعات، وبقدر هذه الطاقة يتحمل الناس المسؤوليات، ويلتزمون بالأعمال" (١).

وحتى يكون البناء الإيماني قويًا فعالًا مؤثرًا، لابد من اتخاذ الطرق والوسائل للتربية الاعتقادية وسنعرض آراء ابن الجوزي في ذلك.

أولًا: الابتعاد عن التلقين الصوري للمبادئ الإِسلامية

إن السبب الرئيسي في ضعف العقيدة الإِسلامية لدى الناشئة، وانعدام تأثيرها في سلوك وخلق المسلمين، ناتج من ضعف التلقي والتلقين لهذه العقيدة ومبادئها، فتفقد بذلك روحها وجوهرها المؤثر في النفوس، ويغلب عليها الطابع الآلي الجامد، فتتحول العبادات الحيوية إلى عادات تقليدية لا روح فيها. قال ابن الجوزي: "تأملت على أكثر الناس عباداتهم فإذا هي عادات" (٢). قال أيضًا: "رأيت عادات الناس قد غلبت على عملهم بالشرع، فهم يستوحشون من فعل الشيء لعدم جريان العادة لا لنهي الشرع" (٣).

ومن أهم أسباب انتشار التلقين الصوري، الخالي من المعاني الحقيقية للعبادات والقيم الإِسلامية، هم الآباء الذين يلقنون أبناءهم تلك الشعائر من دون استشعار لما فيها من المعاني السامية، والحكم البليغة، وفي ذلك ينتقدهم ابن الجوزي بقوله: "ورأيت أحد العوام يشغل ولده حين ينشأ بالمعاش، ولا يعلّمه واجبات العبادات ولوازم المعاملات، فيتقلب الولد


(١) مرجع سابق، يالجن، د. مقداد. جوانب التربية الإسلامية الأساسية. ص ١٤٤.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٣٩٧.
(٣) المرجع السابق، ص ٢٣٠.

<<  <   >  >>