للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ألا وإن في الجسدِ مضغة إذا صلحت صلحَ الجسدُ كلُه، وإذا فسدت فسدَ الجسدُ كلُه، ألا وهي القلبُ" (١).

والإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات والتفكر في مخلوقات الله تعالى في الكون والحياة، وينقص بالمعاصي. لذلك لابد من تعميق الجانب الإيماني في الإنسان، باعتباره من أهم جوانب التربية وذلك "بوضع منظار إيماني في أعين المتعلمين بحيث يستطيعون رؤية أدلة الله في كل شيء يحللونه ويدرسونه في الآفاق العلمية" (٢)، وفي كل المبادئ والقيم الإسلامية. حتى يستشعروا الإعجاز الرباني لله -عزّ وجلّ- في كل ما يحيط بهم.

ويمكن أن نلخص ذلك كله في تعريف موجز للعقيدة والإيمان:

فالعقيدة هي الإيمان بالله وبكل ما أنزل وشرع للعباد، وهذا الإيمان صادق لا يخالطه شك أو وهم، وحتى يتحقق الإيمان الجازم بالله لابد من العمل الجاد وفق المنهج القرآني والنبوي الشريف.

وسأتناول في هذا الجانب العقائدي، أهم الطرق والوسائل التربوية، التي تعرض لها ابن الجوزي -من وجهة نظره- لتنمية وتعميق هذا الجانب. وقد جعلت كتاب جوانب التربية الإسلامية الأساسية للدكتور مقداد يالجن هو الأصل الذي اقتبست منه عناوين هذا المبحث لصعوبة الحصول على آراء ابن الجوزي بالمسمى نفسه في مجال التربية الاعتقادية.

طرق التربية الاعتقادية في نظر ابن الجوزي ووسائلها

إن الإنسان فُطر على الإيمان بوجود الله تعالى، لقول الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} (٣). وحتى نعمق هذا الإيمان في النفس البشرية،


(١) مرجع سابق، العسقلاني. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. الجزء الأول، ص ١٢٦، كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه حديث رقم ٥٢.
(٢) مرجع سابق، يالجن. جوانب التربية الإسلامية الأساسية. ص ١٤٧.
(٣) سورة الأعراف: الآية ١٧٢.

<<  <   >  >>