للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها استثارة انفعالية خاصة، أما "وليم جيمس"، فقد ذكر أنها أكثر من ٣٢ غريزة، وجعلها "ثورندايك" حوالى ٤٢ غريزة" (١).

وسنركز على نظرية الدوافع عند عالم النفس الانجليزي الأصل "وليم ماكدوجل" (١٢٨٨ هـ-١٣٥٧ هـ). (١٨٧١ - ١٩٣٨ م)، لأنه العالم الذي لقيت نظريته القبول أكثر من غيرها، رغم ما فيها من نقد أبرزُه أنها نظرية تصنيفية وليست تفسيرية. فكل ما فعله هو تصنيف الغرائز تحت أسماء معينة دون أن يقدم لنا أطرًا تصنيفية معينة. مثال هذا أنه وضع أنماطًا سلوكية معينة تحت عنوان البحث عن الطعام، وأُخرى تحت عنوان القتال أو الوالدية أو حب الاستطلاع. . . . الخ. وانتقل من هذا إلى اعتبار أن الاسم الذي وضعه سبب ومحرك السلوك. فإذا ما تساءلنا عن الدليل الذي يدل على وجود غريزة البحث عن الطعام، فإن الإجابة تتمثل في سلوك البحث عن الطعام نفسه، وهكذا نقع في "الدور المنطقي، أو ما يطلق عليه المناطقة، المصادرة على المطلوب. ولم يعف "ماكدوجل" من النقد ما لجأ إليه مؤخرًا من العدول عن مصطلح الغريزة واستبداله بمصطلح الاستعداد الفطري" (٢). أو الدافع الفطري.

وقد استبعدنا نظرية "فرويد" لأن أهم نقد وجه إلى نظريته أنه: "جعل الأساس الأول للتكوين الإنساني الفطري الغرائزي (الجنس والعدوان) وبهذا سلب من الإنسان كل القيم والجوانب العليا التي استحق من أجلها الخلافة عن الله سبحانه" (٣)، إلى غير ذلك من أوجه النقص الأخرى. أما الاتجاه السلوكي فقد أنكر الدوافع والاستعدادات الفطرية من أساسها، وجعل البيئة بمؤثراتها الخارجية هي المشكِّلة لسلوك الإنسان.

ويذهب "ماكدوجل" إلى "أن الكائنات الحية مدفوعة لتحقيق


(١) مرجع سابق، العثمان، عبد الكريم. الدراسات النفسية عند المسلمين والغزالي بوجه خاص. ص ١٨٦.
(٢) مرجع سابق، السمالوطي. الإسلام وقضايا علم النفس الحديث. ص ٩٧.
(٣) المرجع السابق، ص ٩٨. رغم عدوله عن ذلك في بعض كتاباته، ودعوته للالتجاء لله والاستعلاء على الغرائز والابتعاد عن الإباحية.

<<  <   >  >>