للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أغراض معينة مرسومة سواءً شعرت بها أو لم تشعر، ولهذا السبب زُوِّدت بعدد معين من الدوافع الكامنة أو القوى الموجهة وهي الغرائز لأجل تحقيق هذه الأهداف، وقد حدد "ماكدوجل" عدد الغرائز بـ (١٤) غريزة -كما أشرنا- منها، الهرب، المقاتلة، النفور، الوالدين (أو الوالدية كما في بعض الكتب). . . الخ" (١)، ثم أضاف إلى هذه القائمة أربع غرائز أخرى. ثم بيَّن "أن الإنسان قادر على تعديل غرائزه بسبب قدرته على التعلم، وما يتمتع به من ذكاء وقدرة على الفهم. ويكون التعديل قويًّا في مظهرين فقط مبن المظاهر الثلاثة للغريزة وهما المظهر الإدراكي والمظهر النزوعي. فالجانب الإدراكي الذي يتعلق بالمثير الخارجي والجانب النزوعي الذي يتعلق بالسلوك والفعل يمكن أن يتغيرا مع نمو الإنسان وتعلمه وخبراته وقدراته على الفهم، أما الجانب الوجداني -وهو جانب ذاتي غير إرادي- فيصعب التحكم فيه وتغييره" (٢). كذلك بين "ماكدوجل" أن الدوافع صنفان دوافع فطرية ودوافع مكتسبة.

وهكذا نلاحظ أن الدوافع عند بعض علماء النفس الحديث، لا تخالف ما ذهب إليه ابن الجوزي، وإن كان الاختلاف في المصدر الذي أخذ عنه كل منهما. فالجذور الأساسية التي استقى منها ابن الجوزي تصوره للدوافع من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، قال الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (٣). وقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} (٤). وقوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (٥). وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} (٦). . . الخ.

أما علماء النفس المحدثون فقد استقوا آراءهم من اجتهاداتهم


(١) المرجع السابق، ص ٩٣.
(٢) المرجع السابق، ص ٩٦.
(٣) سورة آل عمران، الآية ١٤.
(٤) سورة الأعراف، الآية ٣١.
(٥) سورة البقرة، الآية ٢٢٣.
(٦) سورة الفرقان، الآية ٤٧.

<<  <   >  >>