للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (١). وأن يكون في حدود الاعتدال لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} (٢) ولا يستأثر بها لنفسه بل يكون للفقراء والمساكين والمحتاجين منها نصيب، لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (٣).

وإذا راعى الإنسان هذه الضوابط الشرعية، فإنه لن يصل إلى الشره المذموم، الذي يؤدي إلى هلاك النفس الإِنسانية.

ب - رأي ابن الجوزي في دافع النكاح وتوجيهه:

فيقول معبرًا عن هذا الدافع: "إنه كلما كثر استعماله امتنعت أوعية المنيّ من الدر فانجذب إليها غذاء ليس بنضيج، واستلبت قوى الأصول وهي الدماغ والقلب والكبد، فتبرد الحرارة الغريزية، ويسرع لذلك الهلاك" (٤).

يعتبر الجماع -في نظر ابن الجوزي- من الدوافع الفطرية في النفس البشرية، ولابد من إشباعها بطريقة صحيحة تتفق مع المنهج التربوي الإِسلامي، لتحقق الغاية من وجود هذا الدافع وفي عبارة ابن الجوزي، نجده يحذر من الإكثار من الجماع لضرره البالغ على النفس البشرية، ولبعده عن المقصد الأساسي منه، والتحول إلى تشبه بالحيوان.

أما الضرر الحاصل من كثرة الجماع، فيؤيده ما قاله الشيخ ابن سينا بقوله: "والجماع المتكلف وغير المشتهى مضرته النقصان في جوهر الروح الحيواني، وتضعيف القلب، والخفقان، وظلمة الحواس، وسقوط القوة والتهيؤ لجميع أمراض العصب لبارد المزاج، والدق لحار المزاج" (٥).


(١) سورة النحل، الآية ١١٤.
(٢) سورة الأعراف، الآية ٣١.
(٣) سورة الحج، الآية ٢٨.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ٩٩.
(٥) ابن سينا، أبو علي الحسين بن عبد الله. دفع المضارّ الكلية عن الأبدان الإنسانية. بيروت، دار إحياء العلوم، الطبعة الثانية، ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م، ص ١٢٦.

<<  <   >  >>