للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - الاستعفاف بالنكاح:

يحث ابن الجوزي العاشق على المسارعة إلى إعفاف نفسه بأحد العلاجين، أولهما أن يتزوج المحب من يحبُّها متى كان هذا مقدورًا عليه ومباحًا، وقد أشار إلى ذلك بقوله "ومتى كان المحبوب مقدورًا عليه مباحًا كان الجمع بينهما أعظم الدواء" (١)، وذلك مصداق لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -وإن لم يستشهد به ابن الجوزي- " لمْ يُرَ للمُتحابَّينِ مثلُ النِّكاح" (٢).

والعلاج الثاني: إعفاف نفسه بالزوجة الصالحة، وفي ذلك يقول: "وإلا فالنكاح في الجملة يخفف المرض" (٣).

٥ - أمور مساعدة للعلاج:

إذا أخذ المرء نفسه بالأمور السابقة، ولم يتخلص من داء العشق أو يخفف منه، فإن ابن الجوزي يرشده إلى أمورٍ أخرى مساعدةٍ للتخلص من مرض العشق، وهي كما قال: "واستجداد الزوجات واستحداث الجواري وطول السفر والتفكر في خيانة المحبوب وتجنّيه، والنظر في كتب الزهد، وذكر الموت وعيادة المرضى وزيارة القبور، ثم يتفكر في وجود غرضه وانقضائه، وسآمته مع الزمان، وتغير الخلق، وليتصفح العِبَر في نفسه وغيره، فلعل غيره يأخذ بيده فينتاشه (٤) من هذه الهوة ويجتذبه من هذه الورطة" (٥).

وقد ذكر ابن الجوزي طائفة وأنواعًا من العلاج ولم يكتف بعلاج واحد, فالإنسان إذا عزم على اختيار ما يناسبه منها، فإنه لا شك سيتخلص من جميع أمراضه النفسية والقلبية التي تشغله عن طاعة الله ومرضاته.


(١) المرجع السابق، ص ٩٧.
(٢) الألباني، محمد، ناصر الدين. صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير). بيروت، المكتب الإِسلامي، الطبعة الثانية، ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م، المجلد الثاني، ص ٩٢٣، حديث رقم ٥٢٠٠.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ٩٧.
(٤) معنى فينتاشه: أي ينقذه.
(٥) المرجع السابق، ص ٩٧.

<<  <   >  >>