للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قسم ابن الجوزي هذه المرحلة إلى مرحلتين:

١ - مرحلة اختيار الزوجة الصالحة.

٢ - مرحلة تكوين الجنين.

وسنناقش كلَّ مرحلةٍ في ضوء آراء ابن الجوزي.

١ - مرحلة اختيار الزوجة الصالحة:

لأهمية وخطورة دور المرأة المسلمة في تربية الأجيال، فقد ألف ابن الجوزي كتابًا أسماه أحكام النساء، وذكر فيه ما يتعلق بالأحكام الخاصة بالمرأة من عقائد وعباداتٍ ومعاملاتٍ وآداب، وسيرة وقد دفعته الرغبة في بيان العلم الصحيح الخاص بالنساء، لحاجتهن لذلك، فقال: "رأيت النساء أحوج إلى التنبيه من هذه الرفدة من الرجال، لبعدهن عن العلم، وغلبة الهوى عليهن بالطبع، فإن الصَّبِيَّة في الغالب تنشأ في مخدعها لا تلقن القرآن ولا تعرف الطهارة من الحيض، ولا تعلم أيضًا أركان الصلاة، ولا تحُدَّث قبل التزويج بحقوق الزوج. . . الخ" (١).

ونتيجةً لجهل الآباء والأمهات بالحقوق والواجبات والأحكام الشرعية، فقد أثر ذلك في تربيتهم لأبنائهم، فقال ابن الجوزي في ذلك: "ورأيت أحد العوام يشغل ولده حين ينشأ بالمعاش، ولا يعلّمه واجبات العبادة ولوازم المعاملات، فيتقلب الولد في طلب الدنيا، ولا يعلم أخبار الآخرة، ولا يعرف فرضًا من الفرائض، ولا يردّ لجامَه عن الهوى ألفُ رائض، فإن أفلح وحضر مجلسًا من مجالس القُصَّاص، فربما سمع منهم أحاديث الرخص الباطلة، فخرج مصرًّا على الذنوب، ويقول: ربي كريم .. الخ" (٢).

وحتى ينشأ الأبناء في بيئةٍ أسريةٍ صالحةٍ، عارفةٍ بالأحكام، ملمةٍ بالأركان، مدركةٍ للواجبات الإِسلامية، كان لابد من الاختيار السليم


(١) ابن الجوزي، أبو الفرج، عبد الرحمن. أحكام النساء. بيروت، دار الكب العلمية، الطبعة الأولى، ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م، ص ٤.
(٢) المرجع السابق، ص ٣.

<<  <   >  >>