للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوقات الزمان" (١). ويستمر إلى خمس عشرة سنة، فقال في ذلك: "ليحصِّل له وليه المحفوظات أكثر من المسموعات، لأن زمان الحفظ إلى خمس عشرة سنة" (٢). ورأي ابن الجوزي في الحفظ يؤكد ما أثبته علم النفس من أن ذاكرة الطفل في هذه السن، تنمو بصورةٍ مستمرةٍ وسريعةٍ -إذا استمر في ممارسة الحفظ-، وتتميز بالوعي والإدراك لاستيعاب المعلومات وحفظها إلى سن خمس عشرة سنة بدرجة أكبر، وهذا لا يعني أن قدرة الطفل على الحفظ تتوقف بعد هذه السن، ولكنها تقل عما كانت بسبب الانشغال بالأمور المعيشية والحياتية للإنسان. وقد أكد د. فؤاد البهي ذلك بقوله: "ويستمر النمو بالتذكر المباشر حتى يبلغ ذروته في السنة الخامسة عشرة لميلاد الفرد، ثم يضعف وينحدر في سرعته وقوته ومداه" (٣). إذا توقفت القدرة الحافظة عن ممارسة الحفظ، وكذلك القدرات الأُخرى، لذا ينبغي الاهتمام بالطفل في هذه السن واستغلال قدرته على الحفظ، في حفظ القرآن الكريم.

وبما أن الطفل في هذه السن مهيأ عقليًا للتعلم، فقد وضع له ابن الجوزي بعض التوجيهات التعليمية التي تتناسب وقدراته واستعداداته ونموه العقلي. كما حدد بعض المبادئ التربوية. التي ينبغي أن يراعيها المعلم قبل تعليمه الأطفال، وتلك المبادئ هي:

١ - أن يكون المعلم عالمًا بخصائص نمو الأطفال واستعدادتهم وقدراتهم، وكيفية توجيه كل طفل على حسب نمو هذه الخصائص لديه. وفي ذلك يقول ابن الجوزي: "إن الطبيب ينظر إلى سن المعالج ومكانه وزمانه، ثم يصف، فكذلك ينبغي أن تكون رياضة كل شخص على قدر حاله" (٤).

٢ - أن يبدأ في تعليمه العلوم الأساسية، ثم العلوم الأقل أهمية،


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ١٧٧.
(٢) المرجع السابق، ص ٢٤٤.
(٣) مرجع سابق، السيد. الأسس النفسية للنمو. ص ٢٧٣.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٣٣.

<<  <   >  >>