للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (١).

والحج رحلة إيمانية، جهادية، مقدسة، تقطعها الأقدام والقلوب والأرواح لمرضاة الله، ليكون ثوابها الجنة، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "والحجُ المبرورُ ليس لهُ جزاءٌ إلا الجنةُ" (٢)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حجَ هذا البيتَ فلم يرفث ولم يفسق رجعَ كما ولدتْه أمُه" (٣). وقد اشتملت فريضة الحج على جميع الأمور التعبدية التي أوجبها الله تعالى على عباده، من صلاة، وصيام، وصدقة وذكر. كذلك الحج له أسرار وآثار روحية وتربوية واجتماعية وخلقية جمة، وابن الجوزي يبين بعض أسراره بقوله: "وينبغي لمن أراد الحج أن يفهم معنى الحج، فإنه يشار به إلى التجرد لله -عز وجل-، ومفارقة المحبوبات. وليتذكر بأهوال الطريق الأهوال بعد الموت وفي القيامة، وبالإحرام الكفن، وبالتلبية إجابة الداعي، وليُحضر قلبه تعظيم البيت، وليتذكر بالالتجاء إليه التجاء المذنب، وبالطواف الطواف حول دار السيد ليرضى، وبالسعي بين الصفا والمروة، التردد إلى فناء الدار، وبرمي الجمار، رمي العدوّ" (٤). فإذا تدبر هذه المعاني، واستشعر ما فيها، فإنه يذوق حلاوة طاعة الله تعالى، ويقف على الحِكَم العظيمة فيه.

وبعد: فأهم الآراء التربوية المستخلصة من هذا الجانب هي:

أولًا:

١ - الاهتمام بغرس العقيدة الإِسلامية الصحيحة، وربطها بجميع جوانب النفس البشرية.

٢ - أهمية التربية الروحية للباطن والظاهر عند تكوين الشخصية المؤمنة.


(١) سورة آل عمران، الآية ٩٧.
(٢) مرجع سابق، العسقلاني. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. الجزء الثالث، ص ٥٩٧، كتاب العمرة، باب وجوب العمرة وفضلها، حديث رقم ١٧٧٣.
(٣) المرجع السابق، الجزء الرابع، ص ٢٠، كتاب المحصر، باب قول الله تعالى {فَلَا رَفَثَ} حديث رقم ١٨١٩.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. التبصرة. الجزء الثاني، ص ٢٨١.

<<  <   >  >>