للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاقتصار على الطعام البسيط، وكل ذلك في سبيل الترويض القاسي" (١).

كذلك من الآراء التي قال بها ابن الجوزي أن هناك أمورًا فطرية وأخرى مكتسبة: "إن قلب الطفل فارغ يقبل ما يلقى إليه"، وفي هذا المعنى يرى "جون لوك" أن "نفس الوليد البشري صحيفة بيضاء أن فضائلها وقواها تكتسب من الخارج، عن طريق تكوين عادات، وأن تكوين العادات هذا إنما يكون عن طريق الترويض" (٢).

وقد ربط "جون لوك" "الجانب الجسدي بالأخلاقي والعقلي، فقال: "فإذا حصل الطفل على القوة الجسدية كان لابد من تحقيق الأهداف التالية: الفضيلة والحكمة، والمعرفة" (٣).

وقد وضح ترابط الجانب الجسدي بالجانب الخلقي فقال: "كما أن قوة الجسد تنحصر في القدرة على تحمل المصاعب، فكذلك قوة النفس أساس كل فضيلة تنحصر في قدرة الإنسان على إنكاره ذاته، والقضاء على رغباته وميوله التي لا يسمح بها عقله. وهذه القدرة إنما تنال عن طريق التعود والتمرن الباكر. ولذلك فأنا أشير بأن يعود الأطفال على قهر رغباتهم منذ المهد وإفهامهم أنهم إنما يحصلون لا على ما يسرّهم، بل على ما يجب أن يحصلوا عليه" (٤).

ويرى "لوك" أن أوجه التربية ثلاثة: جسدي وأخلاقي وعقلي، وأن أهدافها ثلاثة أيضًا هي: قوة الجسد والفضيلة والمعرفة" (٥).

ويبدو من دراسة آراء "لوك" أنه أغفل الجانب الروحي، الذي اهتم به ابن الجوزي كغيره من الجوانب.

شبه ابن الجوزي المربي بالطبيب الذي يفهم شخصية المريض من


(١) مرجع سابق، عاقل، د. فاخر. التربية قديمها وحديثها. ص ١٣٦.
(٢) المرجع السابق، ص ١٣٥.
(٣) المرجع السابق، ص ١٣٥.
(٤) المرجع السابق، ص ١٣٦.
(٥) المرجع السابق، ص ١٣٥.

<<  <   >  >>