للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الذي يؤيد الاتجاه الثاني فهو ما ظهر من اهتمام الخلفاء بالعلم والعلماء، ومنهم المستنجد بالله (١) الذي كان صاحب نظم بديع، ونثر بليغ، ومعرفة بعمل آلات الفلك والاسطرلاب (٢)، وكذلك الخليفة المستضيء بأمر الله (٣) الذي كان يحضر مجالس ابن الجوزي الوعظية من وراء الستر، والذي أهدى إليه ابن الجوزي كتابه النصر على مصر (٤)، والخليفة المقتفي لأمر الله (٥) الذي "كان في أول أمره متشاغلًا بالدين ونسخ العلوم وقراءة القرآن" (٦).

وتميز بعض وزراء ذلك العهد بالعلم والتأليف مثل الوزير "أبي المظفر بن هبيرة الذي قرأ بالقراءات، وسمع الحديث الكثير، وكانت له معرفة حسنة بالنحو واللغة والعروض والفقه، وصنف في تلك العلوم،


(١) المستنجد بالله، أبو المظفر يوسف بن المقتفي، خامس الخلفاء الذين عاصرهم ابن الجوزي. ولد سنة (٥١٨ هـ). خطب له أبوه بولاية العهد سنة (٥٤٧ هـ). وبويع له يوم موت أبيه سنة (٥٥٥ هـ). وكانت مدة خلافته من (٥٥٥ هـ - ٥٦٦ هـ) وكان موصوفًا بالعدل والرفق، وكان شديدًا على المفسدين. مات في ٨ ربيع الآخر سنة (٥٦٦ هـ). انظر السيوطي، الحافظ جلال الدين. تاريخ الخلفاء. بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، دون تاريخ، ص ٤٠٧ - ٤٠٨.
(٢) المرجع السابق، ص ٤٠٨.
(٣) المستضيء بأمر الله، الحسن أبو محمد بن المستنجد بالله. ولد سنة (٥٣٦ هـ). وكانت مدة خلافته من (٥٦٦ هـ- ٥٧٥ هـ) بويع له بالخلافة يوم موت أبيه. وكان دائم البذل للمال. ذا حلم وأناة ورأفة. وفي خلافته انقضت دولة بني عبيد، وخطب له بمصر، وضربت السكة باسمه، وصنف ابن الجوزي كتابًا له سماه النصر على مصر توفي في سنة ٥٧٥ هـ، انظر مرجع سابق، السيوطي. تاريخ الخلفاء. ص ٤٠٩ - ٤١٢.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي في تاريخ الملوك والأمم. الجزء العاشر، ص ٢٣٧.
(٥) المقتفي لأمر الله، أبو عبد الله محمد بن المستظهر بالله. ولد في الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة (٤٨٩ هـ). وبويع له بالخلافة عند خلع ابن أخيه وعمره أربعون سنة، قال الذهبي: كان المقتفي من سروات الخلفاء، عالمًا، أديبًا، شجاعًا، حليمًا، لا يجري في دولته أمر -وإن صغر- إلا بتوقيعه. وفي أيامه عادت بغداد والعراق إلى يد الخلفاء ولم يبق له منازع. توفي في سنة (٥٥٥ هـ). أنظر مرجع سابق، السيوطي. تاريخ الخلفاء. ص ٤٠٥ - ٤٠٦.
(٦) المرجع السابق، ص ٤٠٦.

<<  <   >  >>