للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما شروط الاجتهاد (١) فتتمثل في النقاط الآتية:

١ - العلم بالقرآن وما يتصل به وناسخه ومنسوخه:

عرَّف علماء الأصول واللغة القرآن الكريم بأنه "الكلام المعجز المنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - المكتوب في المصاحف، المنقول عنه بالتواتر، المتعبّد بتلاوته" (٢). وهذا يقتضي فهم معاني الآيات القرآنية وأحكامها، مع معرفة أسباب النزول ومقاصد التشريع، ومعرفة الناسخ والمنسوخ منه، ومعرفة دلالات النصوص من حيث عبارة النص، وإشارة النص والعام والخاص وما إلى ذلك.

وإذا أردنا أن نرى مدى التزام ابن الجوزي بهذا الشرط، فإننا نلاحظ من تتبع سيرته الخاصة، أنه بدأ طفولته -كعادة علماء السلف الصالح- بحفظ القرآن الكريم في مسجد أبي الفضل بن ناصر، وفي ذلك يقول ابن رجب: "وحفظ القرآن وقرأه على جماعة من أئمة القراء. وقد قرأ بالروايات في كبره بواسط علي ابن الباقلاني" (٣).

ولم يكتف ابن الجوزي بحفظ القرآن الكريم بل عَلِمَ تفسيره وألف فيه، بل فسره كلَّه أثناء وعظه، وفي ذلك يقول: "وفي يوم السبت سابع عشر جُمادَى الأولى انتهى تفسيري للقرآن في المجلس على المنبر، فإني كنت أذكر في كل مجلس منه آيات من أول الختمة على الترتيب إلى أن تمّ، فسجدت على المنبر سجدة الشكر وقلت: ما عرفت أن واعظًا فسر القرآن كله في مجلس الوعظ منذ نزل القرآن، فالحمد لله المنعم. . . ." (٤).

وقد صنف ابن الجوزي في القرآن وعلومه "سبعة وعشرين


(١) مرجع سابق، أبو زهرة، محمد. أصول الفقه. ص ٣٨٠ - ٣٨٩ "بتصرف".
(٢) الصالح، د. صبحي. مباحث في علوم القرآن. بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة الرابعة عشر، ١٩٨٢ م، ص ٢١.
(٣) مرجع سابق، ابن رجب. كتاب الذيل على طبقات الحنابلة. المجلد الأول، ص ٤٠١.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم الجزء العاشر، ص ٢٥١.

<<  <   >  >>