للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع تعدد الخلفاء .. تنوعت الأحداث السياسية ما بين قوة وضعف، وعدالة وظلم، واضطراب واستقرار، فمن عهد المستظهر بالله "الذي كانت أيامه مضطربة كثيرة الحروب، وفيها أخذت الروم بلنسية ثم جاءت الفرنج فأخذوا نيقية حتى وصلوا إلى كفرطاب واستباحوا تلك النواحي (١). ولم يكتفوا بذلك حتى استولوا على "بيت المقدس وقتلوا فيه ما يزيد على سبعين ألف مسلم" (٢)، كما أخذوا مدينة طرابلس بعد حصار طويل، "وكان قد عظم بلاء المسلمين بالفرنج وتيقنوا استيلاءهم على أكثر الشام، فطلب المسلمون الهدنة فامتنعت الفرنج وصالحوهم بألوف الدنانير الكثيرة، فهادنوهم ثم غدروا" (٣)، ثم بعد ذلك استقرت الخلافة للمسترشد الذي كانت "أيامه مكدرة بكثرة التشويش والمخالفين، وكان يخرج بنفسه لدفع ذلك" (٤)، كما زادت الحروب الشديدة بين سلاطين السلاجقة، إلى أن "سارت الفرنج إلى مدينة حلب ففتحوها عنوة وملكوها وقتلوا من أهلها خلقا، فسار إليهم صاحب ماردين إيلغازي بن أرتق في جيش كثيف فهزمهم ولحقهم إلى جبل قد تحصنوا به، فقتل منهم هنالك مقتلة عظيمة ولم يفلت منهم إلا اليسير" (٥).

وكان مذهب الباطنية منتشرًا في عهد هذين الخليفتين، حتى إن وفاة المسترشد كانت بسبب خلاف بينه وبين السلطان السلجوقي مسعود الذي "دس له عشرة من الباطنية قتلوه" (٦)، ثم تولى بعده الخليفة الراشد بالله الذي خُلع بعد سنة من توليه الحكم بعد وفاة أبيه المسترشد وذلك "لما عاد السلطان مسعود إلى بغداد خرج الراشد إلى الموصل، فأحضروا القضاة والأعيان والعلماء وكتبوا محضرًا فيه شهادة طائفة بما جرى من الراشد من الظلم وأخذ الأموال وسفك الدماء وشرب الخمر، واستفتوا


(١) مرجع سابق، السيوطي. تاريخ الخلفاء. ص ٣٩٣.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم. الجزء التاسع، ص ١٠٨.
(٣) مرجع سابق، السيوطي. تاريخ الخلفاء. ص ٣٩٦.
(٤) المرجع السابق، ص ٣٩٨.
(٥) مرجع سابق، ابن كثير. البداية والنهاية. الجزء الثاني عشر، ص ١٨٤.
(٦) المرجع السابق، الجزء الثاني عشر، ص ٢٠٨.

<<  <   >  >>