للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يجب عليهم قضاء العبادات الفائتة ولا يجب عليهم الحدود. وإنما تظهر في حق أحكام الآخرة: فإن عندهم يعاقبون بترك العبادات ومباشرة المحرمات (١)، زيادة على عقوبة الكفر. وعندنا لا يعاقبون بترك العبادات ولا يعاقبون بمباشرة (٢) المحظورات عند بعض مشايخنا، وعند بعضهم يعاقبون.

وجه قول من قال بالخطاب - النصوص، والمعقول:

أما النصوص - فقوله (٣) تعالى، خبراً عن خزنة جهنم: إنهم يقولون للكفرة (٤): "ما سلككم في سقر؟ قالوا: لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين" (٥) - الله تعالى أخبر عن (٦) اعتقادهم استحقاق العذاب بترك العبادات، ولم يرد عليهم اعتقادهم فدل أن ذلك ثابت به. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (٧) ولا شك أن مضاعفة العذاب بسبب ترك الواجبات ومباشرة المحظورات سوى الكفر.

وأما المعقول -وهو أن التكليف يعتمد القدرة من حيث الأسباب وقيام طريق الوصول إليه لا حقيقة القدرة- ألا ترى أن الصلاة تجب على الجنب


(١) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "الحرمات".
(٢) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل كذا: "بمشارة".
(٣) في ب: "قوله".
(٤) في ب: "للكفار".
(٥) سورة المدثر: ٤٢ - ٤٤. والآيات ٣٨ - ٤٧: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ...}
(٦) في ب: "فأخبر الله تعالى عن".
(٧) سورة الفرقان: ٦٨ و ٦٩.